ظافر أحمد أحمد:
التعسّف السياسي الغربي تجاه سورية يؤدي إلى خلاصات تجعل من مصطلح (الشعب السوري) دليلا صريحا على أنّ المخططات الأميركية تعمل بعقلية سايكس بيكو متجددة للتجزئة والتقسيم ولكن هذه المرة ضمن المناطق السورية ذاتها.
فأوّل التوجهات التقسيمية أنّ الولايات المتحدة لا تعترف، ومن خلفها الغرب ومنظومته الإعلامية، بالشعب السوري ضمن المناطق الواقعة تحت سيطرة الدولة، فعند الحديث عن أي شأن سوري خصوصا (المساعدات) يصبح مصطلح (الشعب السوري) خاصا بالمناطق الخارجة عن سيطرة الدولة السورية أساسيا في الخطاب السياسي والإعلامي الغربي، وعندئذ يتباكى الحلف الغربي على معاناة الشعب السوري، في حين تكثّف جوقة الغرب في خطابها من استخدام جملة (السوريون في مناطق النظام) بأسلوب من الشماتة والتحريض مع التركيز على شتى مظاهر المعاناة مع أنّ ذات المنظومة الغربية هي التي خصّت سوريي المناطق الواقعة تحت سيطرة الدولة بالإجراءات الاقتصادية القسرية وبشتى أساليب المحاربة من خلال عسكرة أدواتها الإرهابية والتعسف السياسي والاقتصادي بحق سورية.
هذا الخطاب الروتيني السياسي والإعلامي الغربي يهدف إلى دفع السوريين للتشكيك بانتمائهم إلى شعب واحد وجغرافيا واحدة، مادامت المنظومة الغربية قزّمت الشعب إلى انتماءات سياسية بحسب المناطق التي تجرّب واشنطن فيها شتى النزعات الانفصالية، والمشاريع التقسيمية والإدارات الذاتية التي تشكل مقدمات لتصبح مع الزمن تجزئة للجغرافية السورية بحكم الأمر الواقع.
ويسعى الخطاب الغربي إلى تشكيل بيئة فكرية وإعلامية تغزو العقل السوري ليسلّم بعد سنوات بواقعية (مشروع قسد الانفصالي) المحمي من قواعد الاحتلال الأميركي في الجزيرة السورية، ومشروع التنظيم الإرهابي الانفصالي الذي ترعاه قاعدة التنف على أنّه شريك محلي للولايات المتحدة، والمشروع الانفصالي لجبهة النصرة الإرهابية باسمها التلميعي (هيئة تحرير الشام) في إدلب والشمال السوري..، ولتدفع السوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة إلى التسليم بأنهم هم الشعب السوري وغيرهم لا، فتصنعهم أداة فكرية أيضا لصراع سوري سوري كي يقول الغرب: السوريون يتصارعون ويجب أن نتدخل لحمايتهم ولوضع حد لنزيف الدم.
وبهذا الخطاب الغربي تصبح كل التفاصيل المتعلقة بالمجموعات الإرهابية خارج مسار تحديد وجهة البندقية السورية بوجه الإرهاب، بل تتأمن للإرهاب بيئة مناسبة للتوغل والتوسع، بما يجعل الخطاب السياسي والإعلامي الغربي غايته الأساسية توطين الإرهاب في سورية ونقل تصنيفه من (إرهاب وافد ومستورد عبر متعددي الجنسيات) إلى إرهاب له حضور وانتماء في البيئة السورية وهذا أدهى أهداف ومساعي الخطاب الغربي.
وهكذا التلاعب بمصطلح الشعب السوري ما هو إلاّ وسيلة بالغة الدهاء والخطورة لجعل سورية مرتعا للتلاعب الغربي وتأمين كل ظروف تدخله الدائم في الشأن السوري ومستقبل سورية السياسي والحضاري.