الثورة _ حسين صقر:
من المعروف أن العنف الاجتماعي لايقتصر على التنمر والضرب والتجريح الكلامي، فقد تتعدد أنواعه وأشكاله وتختلف ممارساته، ولاسيما على المرأة، وقد يكون زواج الفتاة المبكر أحد تلك الأنواع، لأنه يغلق كثيراً من الأبواب التي سوف تفتح أمامها ولاسيما الدراسة، كما يحرم هذه الفتاة أو تلك أبسط حقوقها، وعيش طفولتها كما يجب أسوة بقريناتها اللواتي لايفرض عليهن الأهل هذا الزواج، خاصة وأن الوعي لن يكتمل إلا بمرحلة عمرية معينة، والقدرة على تحمل المسؤولية ومواجهة الحياة يحتاج إلى نضوج كامل.
وتقول الفتاة حسناء محمد: من حق الفتيات التمتع بحياتهن وأن تعيش كل أنثى، أو ذكر مراحل حياتهم بهدوء وتروي بعيداً عن ضغوط المجتمع والعادات والتقاليد، موضحة أن الزواج المبكر يسرق عمرها ويكسر ويدمر أحلامها.
عواقب الزواج المبكر
بدوره قال حمد المصري: كثيرة هي الضغوط النفسية التي يمكن أن تتعرض لها الفتاة خلال الزواج بسن مبكرة، فضلاً عن أنها سوف تتحمل مسؤولية الزواج والإنجاب، وبالتالي هذه الضغوط سوف ينتج عنها مخاطر عديدة تؤثر بشكل سلبي على حياتها ومستقبلها وعطائها.
وأضاف المصري أن أضرار زواج الفتيات المبكر كثيرة في وقت يتجه فيه الكثير من الناس إلى ذلك رغبة في الاستقرار، وإقامة بيت مستقل، ولكنّهم يجهلون عواقب هذا الزواج، والمشاكل الناتجة عنه والتي أول ما تكون على الصحة النفسية والجسدية، ثم يمكن أن تمتد لتشمل آثاراً اجتماعية نتيجة عدم وعي الفتاة وعدم نضوجها ومعرفتها قدسية الحياة الزوجية.
وقالت السيدة بلقيس سامرائي: إنها نادمة على تزويج ابنتها التي كانت في الثاني الإعدادي من رجل ميسور وبضغط من أبيها مقابل المال، ولكن سرعان ما فشل هذا الزواج وعادت البنت إلى منزلها في الوقت الذي لم يدفع لها زوجها مستحقاتها ولم يكترث بالأمر لعلاقاته الواسعة، موضحة أن ابنتها دخلت في حالة اكتئاب نفسي ولاتزال حتى اليوم تعيشه.
من جهته قال هاشم الراوي: لايزال المجتمع يأخذ ببعض العادات والتقاليد القديمة وهناك البعض ممن يخرجون بناتهم من المدارس لتزويجهن غير مكترثين للعواقب الكارثية التي تحصل.
مخاطر متعددة
وفي هذا السياق قال المرشد الاجتماعي والاختصاصي النفسي كنان محمود:
إن زواج الفتيات بسن مبكرة له آثار سلبية لعدم اكتمال البنية الجسدية، في وقت تكون فيه الفتاة بحاجة للغذاء والمعرفة والتوعية قبل أن تصبح أماً.
واوضح محمود أن هناك أضراراً عامة أبرزها تحمّل المسؤولية في سن صغيرة جداً، إذ إن المسؤوليّة تكون كبيرةً عند تكوين الأسرة، وتتضاعف عند إنجاب الأطفال، خاصّةً عند عدم وجود شخص بالغ لتقديم النصح والتوجيه، فضلاً عن عدم تخطي الفتاة مرحلة مهمّة من مراحل الحياة، وهي مرحلة المُراهقة التي تبدأ فيها الشخصيات بالتشكل، واستكشاف الحياة، ما يؤثر على شخصيتها وسينعكس ذلك على أبنائها وتفكيرهم.
ونوه أن ثمة تأثيراً سلبياً للحمل على صحة الفتاة في سن مُبكّرة واحتماليّة انهيار الزواج بسبب الجهل، وعدم القدرة على التكيُّف نتيجة زيادة المسؤوليّات ومواجهة صعوبة في تربية الأطفال، وذلك لنقص الإلمام الكافي بأساليب التربية، كما أن صحتها الإنجابية سوف تكون في خطر لأنها في عمر لا يزال فيه جسدها في طور النمو، وعندما لا تكون مهيئة بدنياً وعاطفياً للحمل، فإنها تُصبح عرضة لخطر الوفاة أثناء الولادة أكثر، بالإضافة إلى الأمراض التي قد ترافق الحامل ولا يتحملها جسد فتاة في عمر المُراهقة.
وأوضح أنه قد تتعرّض المرأة لحالات حمل مُتكرّرة تُصاحبها مُضاعفات صحيّة خطيرة.. منوها أن أسباب الزواج المبكر وإن كانت غير مبررة فهي توجد في الفقر والحالة الاقتصادية لأسرة الفتاة، والعادات والتقاليد السائدة في المُجتمع، والرغبة في تعزيز الروابط بين العائلات.. وختم الاختصاصي النفسي بأنه لابد من اتخاذ الإجراءات الرادعة للحد من انتشار هذه الظاهرة، حيث أنه من الأمور التي يمكن فعلها للحد من الزواج المبكر، هي عدم السماح للفتيات بترك تعليمهن قبل إتمام دراستهن الجامعية، وتشديد العقوبات على من يقوم بتزويج ابنته في عمر غير ملائم.