الثورة – رزان أحمد:
رغم ما تمتلكه سوريا من رصيد بشري هائل وكفاءات شابة متعلمة، إلا أنّ مشكلة بطالة الخريجين الجامعيين لا تزال من أبرز القضايا التي تؤرق المجتمع، وتطرح نفسها بقوة على طاولة النقاش العام.
الطالب الذي يقضي سنوات طويلة في التحصيل العلمي، يصطدم بعد التخرج بواقع لا يوفر له فرصة عمل تليق بمؤهلاته، ما يؤدي إلى هدر طاقات بشرية كان يمكن أن تكون رافعة للتنمية.
في حوارات لصحيفة الثورة مع عدد من الخريجين، برزت شكاوى متكررة تتعلق بعدم توافر فرص عمل في القطاعين العام والخاص، بعضهم اضطر إلى قبول وظائف بعيدة عن اختصاصه، فيما يفكّر آخرون بالهجرة أو التفكير في مشاريع صغيرة ذات إمكانات محدودة.
آيات. م، خريجة كلية الاقتصاد، تقول: تخرجت منذ ثلاث سنوات، طرقت أبواباً كثيرة، لكنني لم أجد عملاً في اختصاصي، فاضطررت إلى العمل في مجال بعيد تماماً عن دراستي، أشعر أحياناً أن سنوات الدراسة ذهبت سدى.
أما أحمد. ع- مهندس مدني، يوضح أن المنافسة شديدة جداً، مبيناً أن عدد الخريجين كبير، والمشاريع العمرانية محدودة، وهذا يجعل الفرص قليلة.. كثير من زملائي يفكرون بالسفر بحثاً عن عمل.
ولفهم أبعاد الظاهرة بشكل أعمق، يوضح الخبير والباحث والاجتماعي الاقتصادي الدكتور حسام الشحادة أن بطالة الشباب الجامعي ليست مجرد مشكلة عابرة، بل ظاهرة اجتماعية واقتصادية خطيرة، وذلك لأسباب متعددة، منها ضعف المواءمة بين مخرجات التعليم العالي وحاجات سوق العمل، إضافة إلى تراجع قدرة القطاعين العام والخاص على استيعاب الأعداد الكبيرة من الخريجين، فضلاً عن الظروف الاقتصادية التي مرت بها البلاد.
ويرى أن الحل يبدأ من تطوير المناهج الجامعية لتتوافق مع متطلبات سوق العمل، وتشجيع روح المبادرة لدى الشباب عبر دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى فتح قنوات تعاون أوسع مع القطاع الخاص لاستيعاب الكفاءات الجامعية.
من جانب آخر، يطالب الأهالي بضرورة وضع خطط عملية تحد من تفاقم الظاهرة، لأن استمرارها قد يؤدي إلى نتائج سلبية، من أبرزها فقدان الثقة بالمستقبل، وهجرة العقول، وتراجع الإنتاجية المجتمعية.
ورغم كل هذه التحديات، يبقى الأمل قائماً لدى الشباب، الذين أكدوا أنهم مستعدون لبذل الجهد والابتكار، إذا ما أُتيحت لهم الفرصة، مؤكدين أن العمل هو الطريق السليم والأوحد لإثبات الذات والمشاركة في البناء.