الثورة – محمود ديبو:
ربما كان على سكان وأهالي مدينة وادي العيون في ريف مصياف الغربي الانتظار لفترة إضافية من الزمن ربما تطول أو تقصر ليكون لديهم تلك الخدمات التي وفرتها جهود العمل الأهلي والتبرعات وهو ما يعرف بالتكاتف الاجتماعي الذي ينهض به الأهالي بجهودهم وإمكانياتهم لتوفير بعض من الخدمات العامة التي يحتاجها الجميع والتي يستفيد منها الجميع أيضاً، وربما ليس فقط الأهالي وإنما زوار المنطقة وحتى العابرين..
مبادرة هي الأولى من نوعها التي حظيت بها مدينة وادي العيون مؤخراً تقدم بها عدد من الأهالي المغتربين والمقيمين ساهمت في توفير طيف واسع من الخدمات العامة للمواطنين، تجلت بتوفير الطاقة الكهربائية عبر الألواح الشمسية لمجلس المدينة لضمان استمرار إنجاز معاملات المواطنين والمراجعين خلال فترة انقطاع التيار الكهربائي، وكذلك تخديم الصراف الآلي وكوة جباية فواتير المياه بالتغذية الكهربائية، والخطوة المهمة أيضاً هي إنارة الشوارع بالطاقة الشمسية وغير ذلك، إضافة إلى تقديم دعم مادي للمتفوقين دراسياً والمتضررين من الزلزال ومرضى السرطان وتوزيع الخبز لـ 150 أسرة وتأهيل المدارس..
هذا النوع من العمل الأهلي هو ما نحتاجه فعلاً في مثل هذه الظروف التي تمر بها البلاد حيث شهدت الكثير من المدن والقرى تراجعاً في واقع بعض الخدمات واقتصارها على الضروري بسبب عدم توافر التمويل اللازم لإنجاز كل ما يحتاجه المواطنون، فاليوم لم يعد بالإمكان انتظار توفر الاعتمادات في مجالس المدن والبلدات للقيام بمشاريع خدمية وتوفير مرافق عامة، وبات من الضروري أن يكون هناك مثل هذه المبادرات الأهلية الطوعية من حين لآخر لسد النقص وتوفير الخدمات الضرورية للمواطنين للتخفيف عنهم ما أمكن وتأمين الظروف المعيشية المناسبة لمختلف الشرائح وخاصة المحتاجين لمثل هذه المبادرات من مرضى وذوي شهداء ومصابين وطلاب وغيرهم، فالتكاتف والتعاضد المجتمعي له دور كبير في تحقيق التنمية في المجتمعات الصغيرة وحتى الكبيرة.
إن تشجيع مثل هذه المبادرات والتوسع بها سيكون له أثر كبير إلى جانب الجهود الحكومية في اختصار الزمن اللازم لمعالجة الكثير من المشكلات الخدمية العالقة في مدن وقرى وبلدات كثيرة، ومساعدة الأهالي ما أمكن لمواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد في ظل نقص الموارد وتراجع عائدات الجباية في بعض المناطق..
هناك الكثير مما يمكن أن تنجزه مثل هذه المبادرات على المستوى المحلي وخاصة في المجتمعات الريفية سواء بخدمات الكهرباء أو المياه أو الصرف الصحي أو حتى تقديم العون للمرضى والطلاب ومختلف الشرائح المحتاجة، وربما من خلال تأمين وسائط نقل للموظفين والطلاب من قراهم إلى المدينة، وفتح طرق أو تقديم سيارات إسعاف أو إطفاء لمجالس المدن أو ربما شق طرق زراعية أو حتى التبرع لإعادة تأهيل المباني والمنشآت الخدمية الحكومية وغيرها من الاحتياجات الخاصة والعامة التي تحقق تنمية متوازنة للمجتمع الأهلي في كل قرية ومدينة، وبالتالي تتسع دائرة التنمية شيئاً فشيئاً لتتصل مع باقي الجهود ولتساهم في النهوض بالمجتمع ككل على امتداد الجغرافيا السورية.
السابق