الفوائد المصرفية.. حافز لجلب الإيداعات فضلية: رفع نسبتها لمواجهة حالة التضخم ومتابعتها بشكل آني كي لاتكون عبئاً على المقترضين
الثورة _ وعد ديب:
تتأثر الفوائد المصرفية من حيث ارتفاعها وانخفاضها بمدى حجم السيولة النقدية الجاهزة الممكن إقراضها، وبحجمها وسرعة دورانها في السوق ووتيرة تداولها بين الأنشطة الاقتصادية.
وللحديث عن موضوع الفوائد المصرفية لا بد من معرفة الأرقام والإحصائيات (الرسمية أو المعتمدة رسمياً) المتعلقة بحجم السيولة النقدية (ونسبة المتاح منها للإقراض) لدى جميع المصارف السورية العاملة وكذلك مؤسسات الإقراض التنموية… العامة والخاصة، إلا أن أرقام وحجم السيولة ليست متوافرة لدينا ولم نستطع الحصول عليها من قبل بعض المصارف، ومن هنا كان لابد من الإضاءة عن آلية وأسباب ونتائج تحريك سعر الفائدة بشكل عام .. وبتحليل علمي مالي اقتصادي مجرد .. دون الاستناد إلى أرقام وإحصائيات واقعية (ودون الحاجة) إليها …
الثورة وجهت عدة تساؤلات إلى الدكتور عابد فضلية الأستاذ في جامعة دمشق وكان أولها حول الفوائد على الودائع المصرفية أو الحسابات الجارية والودائع أجل، هل تشكل حافزاً لجذبها أو زيادتها ضمن مصارفنا وجذب المزيد من الإيداعات وخصوصاً في المرحلة الحالية التي تمربها البلاد؟
الدكتور فضلية قال في رده: بالنسبة للفوائد المصرفية عادة … (ودائماً) وفي حالات التضخم (التي يكون فيها حجم الكتلة أو السيولة النقدية الدائرة في الاقتصاد والمتاح في السوق كبيراً بالمقارنة مع العرض السلعي والخدمي المتاح في السوق) يتم رفع نسب الفائدة (المدينة والدائنة) لدى جميع المصارف العاملة بتوجيه وتعميم من المصرف المركزي في إطار سياسته وإجراءاته النقدية التي يلجأ إليها لمواجهة التضخم.
أثران سلبيان
ويتابع:في هذه الحال يكون لأثر رفع نسب الفائدة عموماً أثران متعاكسان، الأول إيجابي باعتبار أن ذلك يشجع الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين على إيداع مزيد من أموالهم ومدخراتهم في المصارف، فيزداد لديها (حجم) و(نسبة) السيولة الجاهزة للتسليف والإقراض، أما الأثر الآخر فهو سلبي (نسبياً) باعتبار أن المصارف تكون مضطرة لرفع الفائدة على القروض التي تمنحها لمختلف الجهات والفرقاء ..الأمر الذي يشكل على المقترضين من رجال الأعمال والمستثمرين (على سبيل المثال) أعباء مالية وتكاليف تشغيل عالية، تحد من رغبة ومصلحة الكثير منهم على الاقتراض .. ويمتد هذا الأثر السلبي ليطول مستوى الأسعار الذي يرتفع (غالباً/نسبياً/ جزئياً) كنتيجة لارتفاع تكلفة الحصول على المزيد من رأس المال (المقترض) من قبل أصحاب الأنشطة الاقتصادية…
ويضيف فضلية :في هذه الحال يكون هناك احتمالان، الأول هو الإقبال على الاقتراض رغم ارتفاع مستوى الفوائد، فيؤثر ذلك على رفع مستوى الأسعار، ويتحمل المستهلك تبعة ذلك، والاحتمال الثاني هو عدم الإقبال على الإقراض، فيتحمل المصرف عبء وتكاليف تسديد فوائد عالية لأصحاب الإيداعات الكثيرة، لذلك يبدأ مع الوقت برفض قبول المزيد من الودائع وهنا يكسد النشاط المصرفي أو ينشط حينا ويكسد حينا آخر بحسب تقلبات الظروف الاقتصادية العامة.
الكساد التضخمي
وبحسب الخبيرالاقتصادي فإنه في الحالة المحلية تحديداً، فقد مر ويمر الاقتصاد السوري بحالة عدم استقرار وتقلبات نظراً لترافق وتداخل عوامل التضخم، وحالة (الكساد) التي أسبابها وآثارها وطرق معالجتها عكس أسباب وآثار وطرق معالجة التضخم، والتي تسمى (الكساد التضخمي)، وهي حالة شديدة التعقيد، وخاصة عند وضع الخطط وإقرار الإجراءات لمعالجتها حيث إن اتخاذ إجراء صحيح لمعالجة التضخم سيؤدي إلى تفاقم حالة الكساد والعكس بالعكس صحيح.
وعليه وبالمحصلة سيكون الجواب على الصعيد المحلي أن الجميع متأثر سلباً بنسبة أو بشكل ما (المصارف والقطاع المالي- أصحاب الأنشطة المنتجة- المستثمرون- المستهلكون …. العام .. الخاص…الخ) وهذا ما يحدث حالياً، ومنذ عدة سنوات، وسيستمر لعدة سنوات أخرى قد يمر العالم خلالها بحرب عالمية من طراز لم نشهده في مظاهره وأدواته في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وهذه مرحلة حتمية جدلية متكررة من مراحل السيرورة الاقتصادية-السياسية-العسكرية العالمية).. والجميع متأثر سلباً .. إلا أن حجم آثارها السلبية محلياً أكثر صعوبة مما هو الحال في الدول الأخرى، لعدة أسباب، أهمها الحرب المتعددة الظالمة التي واجهناها ونواجهها على مختلف الجبهات والصعد.
مضيفاً أنه بالنسبة للقطاع المصرفي ونسبة الفوائد والتضخم والكساد والقوة الشرائية فيمكن الاختصار بالقول إننا في سورية بحاجة إلى رؤى واستراتيجيات وخطط وإجراءات مرنة،قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل متعددة الخيارات.
وبالتالي لا بد من رفع نسبة الفوائد على الإيداعات المصرفية بنسب متوسطة الارتفاع، على أن يعاد النظر بها شهرياً أو أسبوعياً.. لجعلها متناسبة قدر الإمكان مع مختلف الظروف الآنية، بحيث تزيد الإيداعات المصرفية ولا تكون عبئاً ثقيلاً على المقترضين المنتجين المستثمرين ولا على مستوى التكلفة لكي لا ينعكس ذلك سلباً على القوة الشرائية للمواطنين.