هفاف ميهوب
أينما وُجد الجمال، وجُد الحب والرقيّ والسموّ والحياة، وأينما وُجدت لغةٌ تجذبنا إلى سحر ِ معانيها وبلاغة حكاياتها، وُجدت أيادٍ مبدعة، تكون الناطقة بهذه اللغة، وتمكّنتا من فهمها وفكّ رموزها، والتماهي مع معانيها ودلالاتها..
هكذا نفهم الفنّ، وهكذا نراه، رسماً أو تشكيلاً أو نحتاً، وهي رؤيةٌ مثلما قد تختلف بين عشّاق الفنّ فينا، تختلف بين الفنانين. لكن، مهما اختلفت، إلا أنها تتشابه بقدرتها على ترصيع الفنّ، برؤى مبدعة وجميلة.
من هذه الرؤى، رؤية الفنان والناقد التشكيلي «عمار حسن»:
«الفن كما الحب، يشكّل رؤيتنا وطريقتنا في التلقّي، والتعبير عن حقيقتنا، وكلّما ارتفع منسوب وعينا، واتّصالنا وتطابقنا مع ذاتنا، كلّما أصبحنا أكثر ارتجافاً، وتلقّياً لكلّ وعيٍ جديد، يلامس ويتّصل مع هذه الحقيقة..
الفن قد يكون أحد مسارات هذا الوعي الجديد، وهو فعلُ تصديرٍ وتلقّي، لحبّ الفنان ووعيه، وشكل اتّصاله مع ذاته والآخر والكون.. يعرّفنا على حقائقٍ كثيرة، أو أوهام كثيرة، يأخذنا إلى ساحات اللاشعور، والشعور والحدس، وهي لا شكّ مساحة متقدّمة في الوعي أو الخصوصية.. إنه جرعة رؤية تأخذنا إلى الأكثر.. بوابة لذاتنا المؤنّثة، وهذا يعني أن تلقّينا للحب والفنّ، سيكون بمستوى هذا الاتصال، وقد يصل حدّ الرهافة والارتجاف، أو أكثر..!»..
رؤية جميلة أخرى، يقول فيها الفنان النحّات «علاء علي محمد»:
«الفنّ هو ما ينقله الفنان، من عالمِ الخيال إلى عالمِ الحسّ، ليزيد النفس طرباً أو إعجاباً، أو تأثّراً بالجمال..
إنه يدعونا للبوح بمشاعرنا، ورغباتنا المكنونة.. يدعونا للتفاؤل والحب والجمال، والإنسانية بقيمها السامية، وهي القيم الحضارية التي قدّمها الإنسان السوري عبر الزمن، حتى يومنا هذا»..
أيضاً، من الفنانين الذين وهبوا العمل الفني جمالية الرؤى، الفنانة التشكيلية «إيمان الحسن»، التي ترى أن بياض اللوحة الناصعة يستفزّها، ويُشعرها بالقشعريرة الأولى، بل ويدعوها دون مواربة، للدخول دون إفصاح..
إنه الدخول إلى اللوحة، الجمال، الحياة، والفن:
«هو قول كلّ شيء دفعة واحدة، دون إجابات، بل بإشارةٍ تحوي وراءها ما يكفي، لإثارة السؤال تلو السؤال»..