الثورة- رنا بدري سلوم:
عدد الأيادي الماهرة التي تبدع اللوحات الدمشقيّة لا تتجاوز أصابع اليد، في مرسم صغير في دمشق القديمة، يبرعون في زُخرفاتٍ دمشقيّة تحكي دمشق، جذورها، تاريخها من عصور ما قبل الإسلام إلى اللّوحة الحضارية التي تحمل أبعاداً فلسفيّة وتاريخية في آن. مدير مركز بيت الفن الدمشقي محمد حاج قاب، قال لصحيفة الثورة عن فنٍ عميق له دلالاته الخاصة الجغرافيّة والتاريخيّة والبيئية، وأشار إلى رسالة المركز في تدريب المقبلين الجدد، وعن المدة الزمنيّة التي تستغرقها اللوحة الزخرفية فالمساحة هي التي تحددها، قد يستغرق عمل فني أسبوعاً، بينما زخرفة سقف يستغرق بين ثلاثة وخمسة أشهر.
وعن اختيار الرسم الزخرفي ونوعه فهو نابع من حالات إنسانية معاشة ونزعاتٍ نفسيّة، مع الاطلاع على ما أنتجته يد الفنانين عبر التاريخ، فلكل حضارة زخرفتها وأعمالها الفنيّة، وتبقى دمشق صفوة هذا الفن، وعن المواد الأساسية لهذه الحرفة، يبين أن الحرب والحصار الاقتصادي جففت منابعه من خلال هجرة اليد العاملة وشحّ المواد وقلّة الطلب، محاولين فتح أبواب خارجية، معولاً على الدعم الحكومي، وبرأيه أنّ الفن الدمشقي يكاد يندثر بسبب عزوف الشباب عن دخول ميدان العمل فيه بسبب الضائقة المادية، وغيرها من الأسباب.
وعن المعاهد الفنية ومشاركتها في إحياء الفن الدمشقي، يوضح أن المعاهد تعتبره من الفنون التطبيقية والفن التطبيقي يحتاج إلى خبرات تراكميّة وممارسة، مشيراً إلى مادة خجولة تدرّس في كليّة الهندسة المعمارية، يتلقى فيها الطالب فكرة نظريّة. علماً أنها من أهم جوانب التراث التي يلتصق بها.
وحين سألته كيف نمنع اندثار هذه الحرفة؟ أجاب: بتضافر الجهود بين القطاعين الخاص والعام، وإيلاء الفن الدمشقيّ أهمية علميّة كتخصيص مناهج دراسيّة للمرحلة الابتدائيّة عن الفنون السوريّة والتراث المادي واللامادي، أما في المرحلة المتوسطة والثانويّة فيتضمن الدراسة الصناعيّة والحرفيّة.
مقترحاً أن يعمل في هذا المجال «مصابو الحرب» الذين لديهم عجز حركي، فالأعمال التي تحمل الطابع الفني لا تحتاج إلى حركة، ويبقى شأن التسويق، فلابد من إيلاء الحِرف أهمية كونها ركيزة مهمة من ركائز الاقتصاد الوطني، متمنياً من الإعلام أن يسلّط الضوء على الحرف الدمشقية مخافة اندثارها، خاتماً بالقول: دمشق ليست سوقاً تجاريّاً، بقدر ما هي صورة بصريّة فنيّة تحتضن التاريخ وتنبض فيه.