الثقافة أمن قومي 

بقلم وزير الثقافة محمد ياسين صالح

في الأزمنة المضطربة، يتوهم بعض الناس أن الثقافة ترفٌ يمكن تأجيله، أو زينة يمكن الاستغناء عنها.. لكن الحقيقة، التي أثبتها التاريخ مراراً، أن الثقافة أمنٌ سياديّ.

فالثقافة لا تحمي الهوية فحسب، بل تمنح الشعوب أسباباً للتماسك، وللصمود، وأبعاداً وجودية للمعنى، إن الذي يدافع عن وطنه وهو يعي تاريخه، ويقرأ لغته، ويعرف من هو، ليس كالذي يُقاد من دون وعي أو جذور.

وقد أدرك كبار الفلاسفة هذا المعنى، فقال ارنولد توينبي: إن الحضارات لا تُقهر من الخارج إلا إذا فسدت من الداخل. والفساد يبدأ حين تفسد الثقافة.

أما هيغل، فرأى أن الثقافة هي الرافعة التي يرتقي بها الوعي، والوعي هو من يصنع حركة التاريخ.

على أننا في سوريا، لا نحتاج الاقتباس من الخارج لنبرر أهمية الثقافة.. نحن البلد الذي علّم الدنيا كيف يُنقش الحرف، ويُقرأ الشعر، وتُكتب الموسيقا.. نحن أبناء أوغاريت، وورثة جداريات تدمر، وحَفَظَةُ تراتيل معلولا، وخطبة عمر بن عبد العزيز في الجامع الأموي.

لذلك فإن الدفاع عن الثقافة هو دفاع عن سوريا نفسها..

فالثقافة تحصّن المجتمع من الانقسام، من التطرف، من الضياع في متاهات الوهم.

إننا اليوم في وزارة الثقافة، لا نؤمن أن واجبنا إقامة النشاطات فقط، بل نؤمن أن كل قصيدة تُكتب، وكل معرض يُفتتح، وكل تمثال يُنحَت، وكل طفل يتعلم أن يحب القراءة، هو لبنة في جدار الوطن.

والدول تُهزم حين تُهزم ثقافياً، وتُولد من جديد حين ينهض كتابها ومفكروها وفنانوها من بين الركام.

ولهذا نقول: إن بندقية بلا وعي قد تُخطئ الهدف، لكن كتاباً حقيقياً يصيب دائماً قلبَ الأمة.

من هذا المنطلق نؤكد التزامنا بتمكين السوريين، نساءً ورجالاً، من مختلف فئاتهم حتى يشترك الشعب في صنع هوية ثقافية تحصّن أمنه القومي وتشد أواصر القربى بين كل المحافظات بشكل عابر للأديان والأعراق. حتى تكون دمشق لنا إلى يوم القيامة.

إن الثقافة السورية كانت دوماً عصيّة على الهزيمة، وفي أشد ليالي الاستبداد حلكة، بدت الحياة الثقافية السورية، بشخوصها وتراثهم الفكري والإبداعي، بمثابة فعلٍ مقاوم في الداخل وفي المنافي، ضد ابتلاع المؤسسات وضد تنميط صورة الثقافة الممجدة لعنف الديكتاتور والمثقف الخاضع له، وستبقى كذلك في عهد الحرية وبناء الدولة السورية الجديدة، تقاوم التفكك الاجتماعي والمشاريع التي لا تريد لسوريا وشعبها الخير.

ختاماً.. إنّ الثقافة السورية ليست إرثاً فحسب، بل مشروع وجود.

هي ما يتبقّى لنا حين تنكسر الجغرافيا، وما نواجه به النسيان حين يحاول طمسنا.

في كل لهجة، في كل رقصة، في كل نقشٍ حجري أو بيتِ شعرٍ بدوي، هناك سوريا تنجو.

وحتى تنجو الثقافة وتتشكل الهوية لا بدّ من تكامل مع كل مؤسسات الدولة، مع الشكل والمضمون، لا بدّ أن يشعر السوريّ أن سوريا عادت بجبالها وغيومها، وبرجال أمن يدركون ثقافة “الأمن”، ومستشفيات تعلي قيمة الإنسان، وقوانين تضع نصب أعينها كرامة المواطن قبل كل شيء.

آخر الأخبار
ليس مشروع إعمار فقط   بل إعلان عودة التاريخ العربي من بوابة دمشق  تسهيل لخدمات الحجاج.. فرع لمديرية الحج والعمرة بدير الزور تعزيز الطاقة المتجددة والربط الكهربائي في زيارة الوزير البشير لمحطة سدير السعودي سوريا تطلق خطة طموحة لإعادة هيكلة قطاع الطيران وتطوير مطار المزة كمركز للطيران الخاص تعديلات جديدة على النظام الانتخابي ومجلس الشعب القادم بـ210 مقاعد اتفاقية استراتيجية بين سوريا والسعودية لتعزيز التعاون في الطاقة وفتح آفاق التكامل الإقليمي نقطة طبية في جدل بدرعا لخدمة المهجرين من السويداء 1490 مريضاً استقبلتهم العيادة الأذنية في مستشفى الجولان الوطني تأهيل مدرسة سلطان باشا الأطرش في حلب قرار حريص على سلامة الطلاب..  تأجيل امتحانات الثانوية في السويداء  عشرة أيام وحارة "الشعلة" في حي الزهور بلا مياه .. والمؤسسة ترد  الأردن يجدد التأكيد على أهمية الحفاظ على سيادة و استقرار سوريا   مظاهرة حاشدة في باريس تنديداً بالعدوان الإسرائيلي ورفض التقسيم إزالة 32 مخالفة تعدٍّ على خطوط مياه الشرب في درعا "الجبهة الوطنية العربية" تقدم مساعدات طبية إسعافية لصحة درعا وزير الإعلام من حلب: إعادة هيكلة الإعلام الحكومي.. وعودة الصحافة الورقية منتصف أيلول  خطة عاجلة لتأمين الاحتياجات الأساسية بدرعا للمهجرين من السويداء متابعة الخدمات الصحية المقدمة في المركز الطبي بقطنا صحيفة الرياض: استعادة سوريا لمكانتها العربية ضرورة وليس خياراً مناشدات لتخفيض أسعار الأعلاف بعيداً عن تحكم التجار.. الشهاب لـ"الثورة": نعمل على ضخ كميات كبيرة في ا...