رويدة سليمان
استنكرت وبشدة وتعجب وتوجع زميلتي المثل القائل «ابن ليلتو بيعرف شيلتو»، وذلك عندما طرقنا باب العنف الأسري في حوار صحفي صباحي في مكتبها، وحجتها أنه يعزز في وعي الآباء أن احتضان الطفل لغير حاجاته الجسدية والغذائية يجعله يتعود على ذلك مما يسبب إرهاقاً للوالدين، بينما تؤكد الأبحاث التربوية أن القبلة والضم والابتسامة والحضن للأطفال يدعم نموهم الجسدي والنفسي ووجد باحثون أن لمس الأطفال بلطف قبل الإجراءات الجراحية يقلل من الإحساس بالألم، ويبدو أن للمس مفعول مسكن من دون التعرض لخطر الآثار الجانبية.
في سؤال توجهنا به إلى بعض الآباء لتذكر متى حضنوا أولادهم صغاراً كانوا أم شباباً وقبّلوهم، كانت الإجابات..منذ زمن بعيد، يوم نجاحه، كلما غادر المنزل، عندما يمرض، لاأحب هذه العادة وغيرها من الآراء التي تؤكد فقر الثقافة التربوية الأسرية في هذا المجال لأن مفهوم التربية والرعاية الوالدية لاينحصر في التهذيب وتعليم السلوك المقبول اجتماعياً بل هي قبول الطفل ومحبته وتحفيزه، ويجب أن يعلم أنه محبوب مهما قال أو عمل، إنه محبوب لذاته، حب والديه له دائم وغير مرتبط بأعماله ومن دون شروط، ومن الممكن أن لايستحسن الأهل عملاً قام به الأبناء للأسف هناك كثير من المفاهيم الخاطئة يتعامل معها الآباء كحقائق مطلقة، وهناك صور نمطية في تربية الأبناء تؤكد ذلك.. إذ سرعان ماينسى العديد من الأباء الألم النفسي الذي سببته لهم وقد يزعلون منهم ويغضبون من تصرفاتهم ولكن عليهم ألا يهددونهم بفقدان حبهم لهم..وهذا مايؤكده خبراء في الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان.
أساليب المعاملة الوالدية العنيفة التي كانت تبتغي تربيتهم تربية صالحة وفقاً لمفهوم مجتمعاتنا أو لعل ذلك يصبح جزءاً من خلفيتهم الثقافية التي تؤطر أساليب تعاملهم مع أطفالهم فنجدهم يحاكون سلوك آبائهم وأجدادهم بمعزل عمايجري حولهم من تغييرات جذرية في أساليب التربية الحديثة، وتكمن مشكلة الأبناء عند بعض الأسر في اعتبارهم ممتلكات شخصية لمن يقدم لهم الرعاية، وغالباً ماتتمحور قواعد التنشئة الاجتماعية لديهم على تطويع الأبناء وكبح كل ميل عندهم نحو الاستقلال وعن موضوع التأديب الجسدي يقول يافعون في جلسات التشاور معهم برعاية اليونيسف والهيئة السورية لشؤون الأسرة «لوتم التبليغ عن كل الأهل الذين يستخدمون الضرب سيلقى بالآباء جميعاً في السجن «، ومن السلوكيات الأسرية الشائعة والتي تهدد الأمان
النفسي التهكم على تصرفات الطفل والتعليقات الجارحة على أقواله ومناداته بغير اسمه وبصفات غير مقبولة وتعريضه للتهديد والتخويف المستمر ومقارنته بإخوته أو زملائه والكلام بصوت عال والزعيق بلهجة عدوانية وأن نحكي للآخرين عن تصرف غير صائب قام به فتثير ضحك المستمعين وسخريتهم وتعليقاتهم المهنية له.
كل إنسان بحاجة إلى الحب والحنان ولايجب على الوالدين إهمال هذه المشاعر، ولايبخلان على أطفالهما بالبسمة والقبلة والحضن وجميل الكلام، للتغلب على الخوف والقلق واحتواء الألم النفسي لأن الأسرة المصدر الحاسم للشفاء مهما كان الوجع.