تفعيل منظومة الإنتاج واستغلال الموارد المحلية أبرز طرق العلاج «المركزي»: ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم نتيجة ارتفاع سعر القطع
مازن جلال خيربك
قال مصرف سورية المركزي إن ارتفاع سعر الدولار الأميركي خلال العام الماضي إلى أعلى مستوياته منذ عشرين عاماً أفرز انعكاسات كبيرة على الاقتصاد العالمي، مضيفاً أن الجزء الأكبر من التداعيات السلبية الناتجة عن ارتفاع سعر الدولار يقع على عاتق اقتصادات الأسواق الصاعدة مقارنة بالاقتصادات المتقدمة (وفقاً لآخر الأبحاث الاقتصادية).
أثر ارتفاع سعر الدولار
وبحسب المركزي في دراسة له وفيما يتعلق بالمشهد المحلي في هذا الإطار، فقد ارتفع سعر الدولار الأميركي عالمياً ومحلياً تاركاً أثراً سلبياً على الاقتصاد الوطني ودافعاً العملة الوطنية إلى مزيد مما وصفه بـ»التقهقر» وبالتالي السير إلى تضخم إضافي صاعد وارتفاع مستويات الأسعار.
على الرغم من التراجع الإجمالي للطلب ولاسيما على السلع المستوردة غير الأساسية والتوجه العام نحو الأمن الغذائي بالدرجة الأولى مع استمرار تآكل القدرة الشرائية، الأمر الذي يبين أهمية معالجة الأسباب الرئيسية الكامنة خلف تدهور سعر الصرف، والتي تعتمد في سورية أساساً على تفعيل أكبر لمنظومة الإنتاج وترشيد الاستيراد مقابل دعم التصدير والاستثمار واستغلال الموارد المحلية، ومن ثم النهوض بالدخل الحقيقي إلى المستوى الذي يحقق الاكتفاء كخطوة أولية، إضافة إلى تعزيز حيز الاستقلالية والتواصل مع المؤسسات الاقتصادية والاستثمارية ومكونات السوق المحلية، وذلك قبل العمل على إمكانية تثبيت توقعات التضخم وإتباع أنظمة سعر صرف أخرى.
انخفاض الناتج الاقتصادي
المركزي أشار في دراسته إلى ما بيّنته ورقة عمل أعدت لصالح صندوق النقد الدولي من أن ارتفاع الدولار الأميركي في اقتصادات الأسواق الصاعدة بنسبة 10% والذي يرتبط بقوى الأسواق المالية العالمية، قد أدى إلى انخفاض الناتج الاقتصادي بنسبة 1.9% بعد عام واحد واستمر الأثر لمدة عامين ونصف، ولكن وعلى العكس من ذلك فإن حجم الآثار السلبية في الاقتصادات المتقدمة أقل بكثير، وعليه فقد انتشرت آثار ارتفاع سعر الدولار من خلال التجارة والقنوات المالية وذلك في الاقتصادات الصاعدة، كما تراجعت أحجام التجارة بالقيمة الحقيقية فيها بشكل أكثر حدة كما أن معاناتها كانت أكبر من معاناة الاقتصادات الأخرى وفقاً لمقاييس الرئيسية كانخفاض الائتمان المتاح وتقلص التدفقات النقدية الرأسمالية الداخلة وتشديد السياسة النقدية في وقت حدوث الصدمة وزيادة الانخفاضات في سوق الأسهم كما انعكس تأثير ارتفاع سعر الدولار الأميركي على أرصدة المدخرات والاستثمارات في البلدان عامة.
أنظمة «الصرف» المرنة
المركزي أورد ما أوضحته الورقة من أن اقتصادات الأسواق الصاعدة ذات التوقعات التضخمية الأكثر ثباتاً أو أنظمة أسعار الصرف الأكثر مرونة هي أفضل حالاً من غيرها بالنظر إلى أن التوقعات التضخمية الأكثر ثباتاً تكون داعمة بشكل أكبر، من خلال السماح بمزيد من الحرية في استجابة السياسة النقدية، وبعد انخفاض قيمة العملة يمكن لبلد ما أن يطبق سياسة نقدية أكثر تيسيراً إذا كانت التوقعات ثابتة ويترتب على ذلك انخفاض أولي أقل حدة في الناتج الحقيقي، وغالباً ما تتمتع هذه الأسواق ذات أنظمة أسعار الصرف الأكثر مرونة بالقدرة على تحقيق تعافٍ اقتصادي أسرع بسبب الانخفاض الكبير والفوري في أسعار الصرف.
تثبيت التوقعات التضخمية
ووفقاً للورقة التي نشر المركزي مضمونها يمكن عن طريق دعم أنظمة أسعار الصرف المرنة وتيسير تطبيقها من خلال تطوير الأسواق المالية المحلية، يمكن المساعدة على تقليل حساسية أوضاع الاقتراض المحلية لسعر الصرف، كذلك تساعد الالتزامات المستمرة طويلة الأجل التي تهدف إلى تحسين الأطر المالية والنقدية على تثبيت التوقعات التضخمية، ويشمل ذلك ضمان توفير مزيج متوازن من سياسة المالية العامة والسياسة النقدية ومواصلة تعزيز فعالية عمليات التواصل.
التدابير الاحترازية الكلية
كما أشارت الورقة إلى إمكانية مساعدة اقتصادات الأسواق الصاعدة التي تعاني من احتكاكات مالية شديدة ومواطن ضعف حادة في الميزانية العمومية من خلال اتباع التدابير الاحترازية الكلية وتدابير إدارة التدفقات الرأسمالية في تخفيف حدة التداعيات السلبية العابرة للحدود (أي الشاملة للاقتصادات المتنوعة).