من كونها المكان الذي تتوافر فيه بيئة تعليمية تربوية ينمو فيها التفكير السليم، ويتم فيها متابعة ورعاية الطلبة المتفوقين واكتشاف الإمكانيات الدراسية، لهم فتنمي ملكاتهم العلمية وطاقاتهم الإبداعية بحرية تامة، وبمساعدة أطر تربوية مؤهلة لمهمة التدريس فيها، بدت محط أنظار الكثيرين من الطلاب الذين يطمحون لأعلى درجات التحصيل والتميز العلمي.
فالاهتمام بالطلبة المتفوقين ورعايتهم، بات ضرورة مهمة للغاية تفرضها أهمية مواكبة عصر متسارع التطورات والتغيرات المتلاحقة، ولا سيما أن المتفوق يعد حالة خاصة ومميزة بطاقاته وقدراته بين بقية الطلبة الآخرين، فهو من كان مستوى أدائه أعلى من مستوى أقرانه في مجال من المجالات التي تعتمد على المستوى العقلي الوظيفي للفرد بشكل عام.
وتولي التربية موضوع التفوق والطلبة المتفوقين رعاية واهتمام ملحوظ، فهم الثروة الحقيقية والكنوز الدفينة التي يجب متابعتها بعناية، والكشف عنها بشكل مستمر ، والاستثمار فيها، حيث يعد هذا الاستثمار هو الأنجح والأفضل، ويحقق الجدوى المطلوبة في حال كان استثماراً مدروساً مبنياً على أسس واضحة ومعمقة تحقق الهدف والغاية من استثمار كهذا.
ومن أجل رعاية المتفوقين كان إحداث مدارس المتفوقين منذ سنوات في مختلف المحافظات، وتم التوسع في إعدادها تباعاً، حيث تشهد إقبالاً عليها، وصدرت تعليمات ناظمة لها من جميع الجوانب المتعلقة بها، سواء من حيث شروط القبول فيها، وسير الدراسة والخطة الدرسية العامة والإثرائية والخطة الدرسية للبرامج الإثرائية، ومعايير اختيار مديريها ومدرسيها.
وكغيرها من المدارس الأخرى، ومع كل عام دراسي تواجه مدارس المتفوقين صعوبات ومشكلات عدة في جوانب العملية التربوية والتعليمية، وأبرزها مشكلات الكوادر التدريسية المناسبة لهذه المدارس وبما يلائم مستويات الطلاب المميزة فيها، سواء للصف السابع الأساسي، أم الأول الثانوي، ولطلاب حققوا درجات عليا في الشهادة وفي القبول والاختبارات المطلوبة لهذه المدارس.
فواقع كثير من هذه المدارس ولاسيما التي أحدثت مؤخراً، يسجل ملاحظات عدة حول مشكلات تأمين كوادر تعليمية متمكنة خاصة للمواد الدراسية الأساسية في الخطة المعتمدة، ما يتطلب لفت الأنظار إليها، ومتابعتها من كثب من الكوادر التربوية، بما يجعل منها بيئة خصبة للتفوق وبث روح التحدي وإثبات الذات ومحطة تحقق المواءمة بين الجذب والاستثمار.