لديها عادةٌ.. لم تتخلص منها.. بل تزداد مع مرور الوقت..
في كلّ شيء تقرؤه تحاول العثور على ما يشبهها وكأنها تلتقي بمكونات (ذاتها) منتشرة بين الأفكار والكلمات..
هكذا تلتقي مع (الخفي) من أعماقها.. عن طريق المصادفة.
تسعدها هذه العادة..
وفي كل ما تشعر أنه يتحدث عنها تجعل منه نقطة علّام مرتبطة مع نقاط أخرى في قراءات تالية.
كأننا في كل ما نقرؤه، نبحث بشكل غير واعٍ عن أنفسنا.
القراءة.. وأيضاً الكتابة.. هما تأمّل في (الذات)..
كلّ من يمارس الاثنين يدرك تماماً أنهما فعل اللقاء الأسمى مع (الذات).
يبدو أنها واحدة من رغباتها التي ستضيفها إلى “لائحة” لم تفكر يوماً بكتابتها..
على الفور تتذكر رواية “غريغوار دولاكور” (لائحة رغباتي)، وتوجِد أيضاً تقاطعات بينها وبين البطلة صاحبة الرغبات والحياة (البسيطة).
تستعيد إحدى عبارات البطلة جوسلين: (احتياجاتنا هي أحلامنا الصغيرة اليومية)، بمعنى إحياء التفاصيل الصغيرة من يومياتنا.
فكّرت ملياً بقائمةٍ لرغباتها..
ستكون مختلفة عن امتلاك الماديات فقط.. وربما كانت مغرقةً في أشياء معنوية.. صغيرة.. غير ملحوظة من الآخرين.. وحتى مهملة.
لائحة الرغبات تلك، ستمنحها السعادة والشعور بالرضا والطمأنينة..
(فالسعادة هي استمرار المرء بالرغبة) “بما لديه” على رأي جوسلين..
برأيها لا يهم ما لدى المرء..
المهم استمرار الرغبة والتي يعني انطفاءها، نقصانَ السعادة أو انتفاءَها..
لهذا تحتاج أن يكون جذرها الأساسي حالة من شغف وليس محض لذة.. مع أن (كلّ لذة خير) حسب أبيقور.. ووفق تفسير “إميل برهييه” لمذهب الأبيقوريين في اللذة يستخلص (اللذة هي حذف الألم)..
لعلنا نحذف أوجاعنا بمداراة رغباتنا ومحاولة تحقيق البسيط أو اليسير منها.. ولعلنا نمارس عبر تحقيق تلك الرغبات فعل تهدئة لآلامنا حتى تختفي، فبحسب الأبيقوريين (الألم الشديد لا يدوم، والألم الذي يدوم خفيف).
التالي