كانت حصيلة “سباق الإبداع” السوري أكثر من رائعة، ويبدو أن وزارة التجارة الداخلية- المشرفة والمنظمة – قد أحسنت بالفعل تنظيم تظاهرة معرض الباسل للإبداع والاختراع هذا العام، وكانت موفقة في تظهير مواهب وخامات وطنية حقيقية، وتقديمها لمن يلزم لتولي دوراً مفترضاً يأتي لاحقاً لاستثمار إبداعات “العقل السوري” الذي طالما كان وقّاداً..و هذه حقيقة مؤكدة لامجرد إشادة إنشائية.
لقد تم إخراج معرض الباسل للإبداع والاختراع بدورة هذا العام، بطريقة أقرب إلى الإعلان بصوت جهوري أن لدينا خامات يمكن أن تكون “ثروات حقيقية”، فيما لو وجدت مؤسسات أو متمولين تسعفهم نباهتهم على التقاطها كفرص من ذهب..
فهي استثمار مجزٍ من جهة، وامتياز يفترض أن يسعى إليه كثيرون لحيازة ميزة إخراجه كمنتج إلى النور.
وإن كانت الإبداعات التي احتضنتها دورات المعرض السابقة قد منيت بالإحباط، ربما لأن تنظيمها كان كرنفالياً أكثر مما هو عملي، فإن ما أنتجته هذه الدورة يستحق بالفعل عناية فائقة، لأنه نتاج نوعي بكل معنى الكلمة.
والنتاج النوعي يتطلب التقاطاً نوعياً لجهة التبني الفعّال، وهذه مهمة يجب أن يتولاها قطاع الأعمال، لاسيما الصناعي منه الذي يعاني من اجترار واستنساخ الإنتاج التقليدي التحويلي البسيط، فاقد الخصوصية وغير القادر على الاستمرار بدون حماية مطلقة، والحماية أو الحمائية لايمكن أن تدوم ولا يجب أن تستمر لأنها تضر ولا تنفع.
اليوم لدى المبدعين السوريين ما يمكن أن يكون خاصيّة سورية خالصة ..من الفكرة وصولاً إلى تجسيداتها كسلعة، أي من المكون الذهني إلى المادي الفيزيائي، وهذا هو سرّ التفوق الذي أحرزته اقتصادات ناشئة كانت هامشية فغدت قوية متماسكة حجزت لها مكاناً مرموقاً في أسواق العالم.
لا نعلم ما هي الذرائع التي سيسوقها المتمولون هرباً من تبني اختراعات شباب بلدهم، هذا إن تكلموا، فعادة يهربون إلى الصمت والتجاهل، فهم مشغولون دوماً بصياغة لوائح المطالب ورفعها إلى الحكومة، بما أنهم أدمنوا إسداء النصائح، ونسوا أن ينصحوا أنفسهم ليثبتوا في ميدان لن يثبت فيه إلا من يستحق أمام أي جرعة انفتاح جديدة ولو صغيرة.
نهى علي