يقول چورچ برنارد شو “التفاوض هو فن تقسيم الكعكة بطريقة ينصرف بعدها كل من الحضور معتقدا أنه حصل على الجزء الأكبر”، وهذا الوضع يمكن إسقاطه على ما يحدث اليوم في أوكرانيا، وهو أمر فشل من قبل في سورية، ولم يحصل الغرب على أي كعك، لكن الأمر في أوكرانيا يبدو مختلفاً، وقد يحصل الغرب على الكعك هناك بسكين التقسيم المنتظر للخلاص من تبعات الحرب ومصاريفها.
واشنطن وحلفها الغربي يحاولون تطبيق هذه المقولة بحرفية عالية في أوكرانيا، وإن استطاعت الجوقة، ستحصل على الكعك في أوكرانيا، بمساعدة رئيس النظام فلاديمير زيلينسكي، مع أن الوضع يشي أن الغرب لن يحصل سوى على الفتات بالمقارنة مع مجريات الأحداث وما قدمه الغرب من دعم كبير مادي ومعنوي للسلطات في كييف.
الغربيون يظهر عليهم أنهم مهللون لسكين التقسيم ويعتقدون أنهم سيحصلون على الكثير، لكنهم في الواقع لن يحصلوا إلا على القليل، ويبدو أن إسقاط مفهوم التفاوض لحل مقنع في أوكرانيا لن يمنحهم الكعك ويعينهم على تحقيق الإنجازات والوصول الى الحلول، فميزان الحل لديهم لا يتطابق مع موازين موسكو التي لا تروق لها حفلات اقتسام الكعك على الطريقة الغربية.
وعلى النقيض لما تُوحي به مقولة “برنارد شو” عن التفاوض، فهو ليس وسيلة لخداع الآخرين، وإن استخدمه الكثيرون لهذه الغاية، إنما التفاوض عملية مهمة، وصعبة وتحتاج الكثير من الإعداد والتركيز والصدق والتوازن وأوراق القوة، وهذه عوامل يفتقر لها الغرب الانتهازي.
الغرب لا يجيد أدبيات التفاوض والحوار ضمن منظوماتها الحقيقية والأخلاقية، إذ ينبغي لمن أراد الدخول في العملية التفاوضية أن يستشعر المسؤولية ومحاسبة التاريخ والأجيال القادمة، خاصة إذا كان التفاوض يتمحور بشكل أو بآخر حول قضايا مصيرية، تتعلق بمصير شعوب أرهقتها آلة الحرب والتنكيل.
بطبيعة الحال ثمة حرب طاحنة في أوكرانيا وليس مجرد أزمة فيها، ولا يمكن تجاهل الدور الأميركي في الحرب التخريبية، والحديث عن كعكة أوكرانيا يتصاعد هذه الأيام، ومن سيدفع الثمن في النهاية هو الشعب الأوكراني، ولمجرد رفضه القبول بالقسمة والاقتسام، سيوجه ضربة كبيرة للغرب الراغب في التقسيم والكعك للخروج من الحرب ومفاعيلها.
أفواه جوقة الغرب مفتوحة، وشهيتها كبيرة لأكل التراث والميراث، والتقسيم والتفتيت، ولن تمنح أي شيء لأحد دون مقابل أو ثمن، وبشهادة روسيا يتعامل الغرب مع سورية ودول أخرى معاقبة اقتصادياً بظلم وتمييز شديدين، ويهتمون حصرياً برعاية إمدادات الأسلحة إلى مناطق الأزمات كما يحصل اليوم في تغذية النظام في كييف بعناصر القوة، وعينه على الكعكة الأوكرانية.
منهل إبراهيم