الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
خلال قمة مجموعة السبع في أيار 2023 في هيروشيما، لاحظ الرئيس الأمريكي جو بايدن أن العلاقات مع بكين “سوف تتحسن قريباً جداً”. وبعد أربعة أشهر، اتخذت الولايات المتحدة والصين خطوات أولى مهمة لوضع حادثة البالون خلف ظهرهما وتحقيق الاستقرار في علاقتهما المتوترة .
وقد أعيد فتح خطوط الاتصال، وتم تبادل التأكيدات، وتشكيل مجموعات عمل، وتسجيل التقدم المتزايد للأمام. كما تم إحراز تقدم حتى في مجالات مثل ضوابط التصدير، حيث اشتبك الجانبان في السابق.
ولا يزال عدم المشاركة في رفع التعريفات الجمركية المتبادلة وفي التبادلات الدفاعية رفيعة المستوى من المجالات الرئيسة التي لا يزال الحوار فيها متأخراً. ولكن حتى على هذه الجبهة الأخيرة، فقد تم ترتيب حل مؤقت يضم كبار المسؤولين الآسيويين في البنتاغون وكبار المسؤولين في وزارة الخارجية الصينية في أكثر من مناسبة.
يوفر الاجتماع المقترح بين بايدن والرئيس الصيني شي جين بينغ في قمة أبيك في تشرين الثاني 2023 في سان فرانسيسكو “نافذة فرصة” لتحقيق نتائج مفيدة.
فقد ركزت استراتيجية إدارة بايدن تجاه الصين على بناء “مواقف القوة” من خلال ” شبكة من التحالفات والشراكات” لإملاء شروط المنافسة على الصين.
على الجبهة الاقتصادية، تهدف استراتيجية الولايات المتحدة ذات الركائز الخمس إلى إتباع سياسة صناعية توسعية في الداخل، والعمل مع شركاء ذوي تفكير مماثل لبناء قاعدة تكنولوجية صناعية رائدة، والانتقال إلى ما هو أبعد من الصفقات التجارية التقليدية إلى شراكات دولية جديدة، وحشد القوى الكبرى.
وبعد أن قامت بتجميع تحالفات مخصصة مثل الرباعية، والاتحاد الأوروبي، والإطار الاقتصادي للازدهار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، والإطار الثلاثي بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، وبالتالي تشكيل البيئة الاستراتيجية حول الصين، تسعى الإدارة الآن إلى ترسيخ “أرضية” تحت سياستها الخارجية وهي علاقات العمل مع بكين.
ومن وجهة نظر الصين فإن الإستراتيجية الأميركية تهدف إلى استبعادها اقتصادياً، وعزلها دبلوماسياً، وتطويقها عسكرياً، وقمع تطورها التكنولوجي. ويُنظر أيضاً إلى شبكة تحالفات واشنطن وشراكاتها وتجمعاتها المصغرة على أنها عامل تسريع لصراع القوى الكبرى، وليست لبنة أساسية للردع والاستقرار.
وتواجه الصين عملية توازن دقيقة فقد تحول الثقل الخارجي الأساسي لاستراتيجيتها للتحديث، البيئة الدولية التمكينية المدعومة بالتبادلات التجارية والتكنولوجية الكثيفة عبر المحيط الهادئ، إلى غير صالحها منذ وصفت إدارة ترامب الصين بأنها قوة رجعية وأطلقت العنان لحرب تجارية وتكنولوجية.
إضافة إلى ذلك، فإن النظير الاقتصادي المفضل للصين اليوم، الاتحاد الأوروبي، ينظر إلى موسكو، القوة الجيوسياسية الأكثر أهمية في الصين، بعين النفور، وهي تنظر إلى بكين، بالتالي، بقلق. إن تحقيق التوازن بين هاتين العلاقتين لصالحها مع العمل في الوقت نفسه على وضع مبادئ توجيهية لتوجيه العلاقات الصينية الأمريكية نحو التعايش السلمي هو جوهر معضلة بكين.
لدى الولايات المتحدة والصين وجهات نظر متناقضة فيما يتعلق بمصالحهما وشروط المشاركة ومفاهيم النظام. ومع إعادة الترتيب المستمرة للأثاث الاستراتيجي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، فمن غير المرجح أن يظهر “هيكل السلام” الذي يتميز بشبكة يمكن التنبؤ بها من القواعد والعلاقات بين القوى الكبرى. إن التوازن المستقر لن يأتي من صراع المصالح المتنافسة، كما أن سعي الإدارة إلى التعاون “حسب الطلب” بشروط أحادية الجانب لن يؤدي إلا إلى تفاقم الميول الأساسية.
فقد طرح الرئيس بايدن “خمس لاءات” خلال اجتماعه الافتراضي مع الرئيس شي في تشرين الثاني 2021، وكررها في بالي بعد عام. فالولايات المتحدة “لا تسعى إلى حرب باردة جديدة، ولا تسعى إلى تغيير النظام الصيني، ولا تدعم استقلال تايوان، ولا تسعى إلى صراع مع الصين، ولا توجه إعادة تنشيط تحالفاتها نحو الصين”.
ورد الرئيس شي بالمثل بـ “اللاءات الثلاث” في بالي، فالصين “لا تسعى إلى تغيير النظام الدولي القائم أو التدخل في الشؤون الداخلية للولايات المتحدة وليس لديها أي نية لتحدي الولايات المتحدة أو إزاحتها”. وتوفر هذه المبادئ إطاراً حكيماً وثابتا للعلاقات ذات التوجه المستقبلي.
وكما هو الحال مع اتفاقية “المبادئ الأساسية” التي تم التوصل إليها بين نيكسون وبريجنيف في عام 1972 والتي سهلت التعاون المثمر في مقابل ضبط النفس والاعتدال، فيتعين على الرئيسين أن يتذكرا “رفضهما” في بيان مشترك.
حيث يتعين على واشنطن وبكين التوصل إلى إنجازات على المدى القريب في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (APEC) في سان فرانسيسكو. ويتعين عليهم أيضاً أن يسعوا إلى تقليص الفجوة بين توجهاتهم المتنافسة من خلال الالتزام بعلاقة متجددة مبنية على هذه التفاهمات المبدئية في هذا العصر الجديد من المنافسة الاستراتيجية.
المصدر – أوراسيا ريفيو