أجل لقد أصبحت الإثارة صناعة هامة في العصر الحالي فهي في مجالات الدعاية والإعلان، وأفلام السينما، والألعاب الإلكترونية، والرياضات، وغيرها من وسائل الترفيه، ولعل هذا يرجع إلى الطلب المتزايد من الجمهور على تجارب مشوقة، ومثيرة.. ففي مجال الدعاية والإعلان يتم استخدام عناصر التشويق، والمفاجآت، والتوتر لجذب انتباه الجمهور بالدرجة الأولى، ومن ثم لتعزيز المنتجات، أو الخدمات المعلن عنها والتي يتم تصميمها بطرق مبتكرة تهدف إلى جذب الاهتمام، وإشعال الفضول، والتوقعات لدى المتلقي.
أما السينما كصناعة فقد باتت أكثر ما تهتم به هو جذب جمهور أكبر لها لتوفر بالتالي من خلال ما تنتجه من أفلام تجربة ترفيهية مليئة بالجاذبية، والتشويق، وهي الأقدر في هذا المجال بفضل التقنيات التي يستخدمها صنّاعها وقد غدت أكثر تطوراً، ومرونة، وخدمة لأهداف السينما.. فالحركة سريعة الإيقاع تخلق جواً من الحماسة، والمؤثرات البصرية والصوتية تساهم بتصميماتها المبدعة، والذكية، في رفع إيقاع الحماسة، والتوتر لدى المشاهد، أما أجواء الغموض والتوقعات فهي من الطرق الفعّالة التي تحفز الفضول لمعرفة ما سيحدث بعد ذلك، بينما اللقطات المبهمة، والأحداث غير المتوقعة التي تخلق الصدمات تعزز الإثارة، وتحافظ على تصاعد التوتر بإيقاع درامي منسجم يبقي الجمهور متلهفاً، ومتشوقاً وصولاً إلى الذروة التي تلقى استجابة عاطفية لديه.
وها هو تأثير هذه الصناعة يصل إلى عالم التجميل تأثراً بالدمية الشهيرة التي ذاع صيتها منذ عقود، وكُرّس لها مؤخراً في السينما، وها هو أيضاً أحد الأفلام الذي يحمل اسم (100 عام ـ الفيلم الذي لن تراه) ويتحدث عن مستقبل البشرية يثير فضولنا الكبير فقط لأننا لن نشاهده فهو مخصص للعرض حسبما يدل عليه اسمه أي بعد قرنٍ من الزمن.
وفن صناعة الإثارة بالصوت، والصورة، والكلمة لم يعد يقتصر على السينما، والدعاية، والإعلان لتنضم إليها جميعاً منصات البث المباشر، والوسائط الاجتماعية، وبدرجة أكبر الألعاب الإلكترونية، والتي تستقطب لمنتجاتها أعداداً متزايدةً من المستهلكين. هذا عدا عما أصبح يسمى (التسوق بالتأثير) والذي يعتمد استراتيجية الاستعانة بمن أصبحوا أيضاً يسمون بالمؤثرين، وبالشخصيات الشهيرة، ونجوم التمثيل، والرقص، والغناء، للترويج للسلع، والمنتجات إلى جانب الخدمات مما يثير اهتمام الجمهور، ويجذبه كهدف تم اصطياده بنجاح.
وإلى جانب كل هذه المنافذ لصناعة الإثارة هل يمكن لنا أن ننسى استخدامات التقنيات الحديثة والمبتكرة في مجال الواقع الافتراضي، والواقع المعزز وتطبيقاتهما، وتجاربهما التفاعلية بعروض مباشرة، وكم التشويق، والجذب الذي تنطوي عليه؟.. طبعاً لا لأنها أصبحت لغة العصر الأكثر استخداماً.
صناعة هدفها أن تأسر القلوب، وتستقطب الاهتمام، وأكثر ما تستفيد منها الدعاية لتستهدف الجمهور باللعب على العواطف، واستخدامها للتأثير من خلالها، ثم الوصول إلى الغاية المرجوة.. فقد بحثت استراتيجيات هذه الصناعة جيداً عن احتياجات الجمهور العاطفية، وعن تطلعاته، ورغباته لتربطها بشكل ذكي مع المنتج، أو الخدمة المراد الترويج لها.
مجموعة واسعة من الأنشطة، والمنتجات متنوعة المجالات تهدف إلى إثارة الشعور بالتشويق أصبحت واحدة من القطاعات الصناعية الأكثر نجاحاً، وازدهاراً في عالم الترفيه إذ أنها تلبي رغبة الناس في التجربة، والمغامرة، والتحدي ذلك لأنها تعرِّضهم لمستويات عالية من الإثارة، والتوتر الذي يرغبون به بل ويبحثون عنه إذ يلبي أهواءهم، ويجدون فيه متنفساً يحررهم من ضغوط حياتية، أو روتيناً يومياً جعل من هدوء الأيام عبئاً لا نعمة لا يجوز التفريط بها.
وفي المحصلة يمكن القول إن الإثارة أصبحت عنصرًا أساسيًا في الصناعات الترفيهية والإعلانية المعاصرة، حيث تعتبر واحدة من الوسائل الفعّالة لجذب الاهتمام، وإبقاء الجمهور مشدوداً ومتعلقاً بالمحتوى.
ومع التطور المستمر للتكنولوجيا، والابتكارات علينا أن نتوقع المزيد من التطور أيضاً في صناعة الإثارة مستقبلاً، فهي تكتسب مزيداً من المكانة، والأهمية لأنها توفر تجارب مذهلة، وفريدة من نوعها لجمهورها خاصة أنها تتكامل مع التكنولوجيا في مجالاتها الواسعة.