الثورة – هفاف ميهوب:
رئة الأرضِ أنتم، غصّت ألماً شهقتكم.. استشرى الأوغاد فيها، فكنتم عيناً تحميها.. غدروا بكم يا جرحها، صرتم نزيف دموعها..
دمعٌ ودمٌّ وأشلاء، وصرخاتُ الموتى والأحياء.. الدمع يفيض ولا ينضب، وعيونٌ ترنو تتعجّب.. كيف داهمها الغدر، والفقدُ يليهِ القهر.. عيونُ الحياة بأبنائها، ادلهمّت غاب صباحها.. عيونُ الوطن وكم يُفجعه، أن يفقد روحاً تعشقه..
أشجارُ بلادي أنتم، نحترق كما احترقتم.. ننزفكم ونقسم بدمائكم، أن ننتقم لأرواحكم.. بلادي حزينة تعمّدكم، بصمتٍ ووجومٍ أوجعكم.. وهي تناديكم كنّا، مراراً عنكم قد قلنا:
يا سنديان أصالتها، وحبق وغار كرامتها.. الجبال شمخت وصمودها كلّل بالعزّ وجودها.. يا أوفياء النداء، دمكم بخورٌ وضياء..
أينكم؟!! نسألُ ونعرف أنّكم:
باقون صوت الوطن الغالي: تبّت أيادي الأنذال.. صرخة أمٍّ مفجوعة، مزّقها الفقد واللوعة.. ماتت حزناً، والدمّ كفّنها بكم وألم.. سربلنا باسوداده، فارتدّ بكم بياضه..
هو الأبيض النقي، لأرواحٍ تحيا لتتّقي، وطنٌ يُحييه شهيد، باقٍ فينا ويُجيد.. ترتيل المجد الحقّ، قد صلى عليه العشق.. عشق ترابٍ قدّسه، لما احتضنه وحدّثه:
جرحكَ جرحي، قد صرت ملحي، يؤلمني دمكَ ولكن، قد بات وجدي الساكن.. في عمقِ أعماقي ويروي، مكانتي بك تعلو وتُعلي.. ضمير زمنٍ لم ينصفك، إلا بشهادةٍ جعلتك.. رسول حياةٍ طهّرها، وجدانك ثم بشّرها.. بشّر سوريّته، بالنصر وتضحيته.. كانت طوفاناً أغرقها، حباً أنشده وأنشدها:
سوريّة ياحبيبتي، كرامتك كرامتي.. تشظّيت فيك وبي، أملٌ أن تثأري لي.. من أعداءِ قلبك، وأعداء من أحبّك.. ستثأري عندي ثقة، ككلّ من مثلي ارتقى…