الثورة – حسين صقر:
لايشكل الرسم بالنسبة للأطفال وسيلة للتسلية والمتعة وحسب، بل طريقة لتغذية الروح وإشباع الموهبة، كما يمكن أن يكون علاجاً سلوكياُ ونفسياً لزيادة ثقتهم بنفسهم وتنمية ذكائهم وكذلك تهدئتهم وتفريغ طاقتهم ومشاعرهم السلبية، إضافة لتعديل طباعهم غير المرغوب فيها من عصبية وعِناد وغير ذلك، فضلاً عن أنه يحرض على تعزيز النمو الاستكشافي والنفسي والعاطفي، وتوسيع الأفق والخيال.ولهذا يأتي التعليم بالرسم ليختصر طريق التعلم، ويسهل وصول المعلومة للطفل ومساعدته على الفهم.الفن ملك العلوم وللحديث أكثر عن هذا الموضوع تواصلت « الثورة» مع الفنانة التشكيلية الدكتورة نسرين حماد مديرة مركز ندى الورد للتدريب والتنمية البشرية، والتي أكدت جواباً على أسئلة حول فائدة الرسم، وماذا يقدم للأطفال، ودوره في تعلم الأحرف اللغة العربية والإنكليزية، أنه يحضرها للإجابة على هذه الأسئلة قول للفنان: ليوناردو دافنشي منذ 500 عام: إن الفن ملك العلوم بأكملها، ومن خلاله يمكن نقل المعرفة للأجيال على تنوعهم» موضحة أن الرسم مفيد للصحة العقليّة للأطفال، لكونه طريقة مثالية لتطوير مهاراتهم الحركية والعقلية، منوهة أن الأطفال في عمر الثلاث سنوات تلفتهم المؤثرات البصرية والأصوات، وذلك مثل الألوان والأشكال، وبذلك يمكن أن يتم استغلال تلك النقطة من خلال التعامل مع الطفل عن طريق رسومات محببة لهم بأشكال لأرقام وأحرف واضحة أو رسمات بسيطة نبدأ تعليمها بطرق بسيطة.
تعزيز القدرة الذهنية
وأشارت الدكتورة حماد إلى أن ذلك يعزز قدراتهم الذهنية، ويحثهم على التفكير في كيفية عمل الأشياء وكيف تبدو، وتطوير أسلوبهم، كما يمكن أن يساعدهم ذلك أيضاً في التعرف على الأشكال والألوان من خلال رسمها على الورق ويساعدهم أيضاً على تطوير التنسيق بين اليد والعين من خلال التدرب على رسم الخطوط في اتجاهات مختلفة، وتالياً تحسين دقة مهارات الرسم بمرور الوقت إضافة إلى ثقتهم العامة بالمواد التي يستخدمونها.
أداة تعليمية
وأضافت لهذا يعد الرسم أداة تعليمية رائعة لأنه يعلم الأطفال كل من العلوم والفن في الوقت نفسه من خلال إجراء ملاحظات حول ما يرونه وإعادة إنتاج تلك الملاحظات على الورق، وبهذا يتعلمون مهارات الرياضيات من حيث التناسب والخطوط والأشكال الهندسية التي تعتبر أساسية.وتلحظ مديرة المركز أنه في مهارات تعليمنا للأطفال مثلاً: نرى أن شكل البطة أو القطة من الأشكال المحببة للأطفال، ولهذا نعتمد بهذه الأشكال مراحل بسيطة بالخطوات كشكل الدائرة والمثلث حيث نتمكن من خلال حرف الواو والباء جعل الطفل يرسم البطة بكل بساطة مع التأثيرات الصوتية اللطيفة للحرف من قبل المدرس، ومن خلال حرف B ممكن ان نشكل عصفور جميل وهذا الأسلوب لايعتمد فقط على الأحرف فهو يشمل الأرقام أيضاً، وهنا نستطيع الجمع بين الأرقام العربية والإنكليزية برسمة واحدة كرقم ٨ بالعربي و 0 بالانكليزي لرسم القطة وهنا تكون مراحل متطورة للطفل نستطيع إدخال الأحرف بالرسمة نفسها، وقالت: كلما تطور مستوى الطفل طورنا الرسم لنصل إلى الكلمة الكاملة في المستوى المتقدم للطفل إذ يستطيع مثلا تكوين القطة من كلمة cat بكل بساطة مع لفظها السليم،وهنا نكون استهدفنا ثلاث حواس للطفل وهي البصرية _السمعية _والحركية.
تنمية الجانب الإبداعي
وقالت حماد: نعمل على تنمية الجانب الإبداعي في المخ أي»الفص الأيمن من المخ» لأن الرسم من المواهب التي تعتمد بالأساس على التخيل والصور الذهنية وتحويلها إلى لوحات و رسومات، وهذا من شأنه أن يساعد على تطور الجانب الأيمن من الدماغ وتحسين أدائه والقيام بوظائفه، ويحسن استخدام التخيل والتعبير عند الطفل ويعمل على تطوير الذاكرة وخصوصاً عند الطفل فالرسم بحد ذاته يعتمد على الذاكرة، لأن الرسم من المهارات التي تعتمد على الذاكرة الاسترجاعية، وكما ذكرنا آنفا تعتمد أيضاُ على التخيل والتفكير، وبالتالي تحسين أداء المخ في التذكر مقارنة بأقرانهم الأطفال، كما يساعد الرسم الطفل على تعلم كيفية استخدام يديه بطرق جديدة مثل كيفية إمساك قلم الرصاص وما يساعد على بناء مفرداتهم اللغوية وتحسين قدرتهم على قراءة الكلمات وكتابته، وغالباً ما يجلب التلوين واختيار الألوان للأطفال الراحة والفرح، خاصةً إذا كان الطفل قد رسم الصورة بمفرده، ولم يساعده عليها أحد، لأنه في هذه الحالة سيفتخر بنفسه ويحقق الطموح لذاته) كأحد الإنجازات.
تقوية عضلات اليد
وحول أهمية التظليل أشارت حماد إلى أن التظليل يقوي عضلات معصم اليد، وينطبق الشيء نفسه على عضلات اليد العامة، ويمكن الاعتماد على تقنيات التلوين لتعليم الأطفال الفرق بين درجات الألوان التي لم يعرفوها من قبل، كما يساعد على تحسين التنسيق بين اليد والعين، وهنا نحقق نشاط ممتع مع الأطفال يعزز التركيز ووظيفة الدماغ، بالإضافة إلى التعرف على الأشياء بسرعة وإدراك طريقة لفظها وكتابتها.
اعتماد منهجية متخصصة ومن ضمن سياق تعزيز مجال الفنون وتنمية مواهب الأطفال والشباب، تم اعتماد منهجية متخصصة بالرسم باسلوب أكاديمي في تعليم الفنون، وإعداد جيل من الفنانين الصغار يدرك نظريات الفنون والثقافة، كما تاريخ الفن وموقعه في العالم، لطالما يمتلك مهارات استثنائية في فهم الأعمال واللوحات الفنية.فالفن ضرورة وليس ترفاً، وهو اليوم ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى لترسيخ القيم التاريخية والحضارية القديمة، إذ لا يمكن قيام بناء حضاري من دون الفنون، كما أن الرسم يحقق وعي ثقافي فني من عمر مبكر ويعطي توازناً نفسياً يحتاجه الطفل، لأن الفن لا يعني فقط تعلم الرسم، إنما الإطلاع على الناحيتين الثقافية والتاريخية خلف هذا الفن، بمعنى آخر، تنشئة جيل من الأطفال على أتم الوعي والإدراك بمختلف المعلومات والمعطيات المتعلقة بالفنانين وأنواع الفن، ما يؤسس لمجتمع فني مثقف، مشيرة أن أي إنسان يخلق فنان من ناحية معينة أو موضوع معين وبطريقته الخاصة، ويبدأ ذلك بالظهور والتبلور في سن مبكرة، لذلك نسعى دائماً لتعليم وصقل مواهب مختلف الفئات العمرية لتنمية المهارات لديهم وتمكين الأجيال الصاعدة من تعزيز وإغناء خبرتهم المكتسبة خلال الجلسات وتثقيفهم فكرياً وفنياً، وشددت حماد على أهمية الحرص على التعامل مع مواهب الأطفال وتعليمهم الرسم من خلال معرفة الألوان والأنماط المختلفة، من الرسم التجريدي ورسم المناظر الطبيعية إلى الرسم بالأنماط المختلفة كطي الأوراق والتنقيط، أو الطباعة بأدوات مختلفة كاستخدام الإسفنج أو أوراق الشجر والكثير من المواد الأخرى، الى جانب الحرص على اختيار أساليب ممتعة ومسلية للصغار وتغيير الطريقة والأدوات التعليمية في كل مرة.و أوضحت الفنانة التشكيلية أن الأسلوب لايختلف كثيراً مع الكبار ففي داخل كل إنسان منا روح طفولية تهرب من الروتين طبعاً مع اهتمامي الدائم للوصول إلى هدف تعليمهم الفن الحقيقي وكيفية صناعته، وحديثي المستمر معهم على نظريات الفنون والثقافة وتاريخ الفن بدءا من فنون الكهوف إلى الحقبات الزمنية والفنون العالمية والإسلامية إلى يومنا هذا، نظراً لأهمية هذا التاريخ في تعزيز تفاعل الأطفال مع الفنون، بحيث نبني بمحبة وفن جيل من الفنانين الصغار، يدرك تاريخ الفن وموقعه في العالم، ويمتلك مهارات استثنائية في فهم الأعمال واللوحات الفنية داخل المعارض المتنوعة، وتالياً في صناعة فن خاص بهم قد يضاهي ما ينظرون إليه، وكلنا ثقه بقدرتهم وبما وصلنا إليه مع الأطفال واليافعين من رسم لوحات فنية رائعة، من خلال فهمهم كيفية صناعة المؤثرات الفنية ومعرفة تاريخ الفن بشكل واضح والاطلاع على حضارات مختلفة، وشرحت أنها أثبتت هذا بتقديم معرض للأطفال بأبجدية أكاديمية فنية تحت عنوان: (أبجدية شمس) شمل لوحات عن الآثار وحضارة سورية وبين القدرة الفنية العالية للأطفال.يحمل القيم الفنيةو ختمت حماد انها تطلع لمستقبل جيل يحمل القيم الفنية الحقيقية ويسعى لبناء حضارة قوية بالفكر والمعرفة المتكاملة و جعل الأطفال يعبرون من خلال الرسم عن أفكارهم وأحلامهم وأحاسيسهم أيضاً، لأن الخطوط والألوان بالنتيجة تعبر عن شيء ما من وجهة نظره، ولذلك نجد أن الإنسان البدائي قد تعلم الرسم قبل الكتابة والقراءة والدليل الرسومات الموجودة في الكهوف من العصر الحجري.
