جاؤوا إلى فلسطين من وهم خرافة وبمقولة “إن لم تطردوهم، كان كل من تبقونه منهم كإبرة في عيونكم و كحربة في جنوبكم ” فرد أصحاب الأرض.. إنا هنا باقون بقوة الحق والتاريخ والجغرافيا كزوبعة من نار، بهذا الانتماء والتصميم يخوض الفلسطينيون معارك إحقاق حقوقهم ويلثمون جراحاتهم الممتدة على مساحة أوجاعهم منذ احتلال أراضيهم، فلا وحشية جرائم العدو الصهيوني التي لا تحصى توهن عزائمهم ولا ترسانة أسلحته الضخمة تثنيهم عن مقارعته.
أيام سبعة على روزنامة رد الطغيان عن الشعب الفلسطيني في معركة طوفان الأقصى وما زال هدير الطوفان المقاوم في ميادين الجبهات التي يخوض غمارها المقاومون على أراضيهم المحتلة أكثر دوياً وأشد حزماً من جعجعات العدو، وعظمة مفاعيل عملياتهم البطولية أكثر وطأة على كيانه المثقل بالهلع والإرباك والتخبط، فلن تعيد له هستيريا عدوانه الوحشي على المدنيين في غزة عنجهية سقطت، ولا حتى “الفزعة” التي نادت أميركا محور شرها لعقد حلقاتها، ضخاً عسكرياً وتضليلاً إعلامياً للرأي العالمي، لانتشاله من أوحال هزائم مرغت فيها أنوف أركان حروبه.
فالطوفان المقاوم جاء ليؤكد أن لا صوت يعلو فوق صوت الحق في مقاومته للباطل الصهيوني وأن الحقوق المشروعة لن تشطب وذاكرة الأجيال يانعة لا تهرم ولن تتساقط منها أوراق الثوابت.
المعركة الحالية التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية ليست حدثاً عادياً في تقويم مقاومة الاحتلال والتمسك بالهوية والانتماء، بل هي في مدلولاتها حدث مفصلي ونوعي ينسف مؤامرات تصفية القضية الفلسطينية ومشاريع يلهث كيان العدو لتنفيذها في سباق مع الزمن بتواطؤ أميركي.
تعرف غزة جيداً في كل مرة رغم حصارها كيف توجع المحتل وتعرف كيف تنهض بعد كل عدوان أو اجتياح إسرائيلي وبعد كل مجزرة من بين الركام أعظم شموخاً وأشد تصميماً وعزماً على دحر المحتل ويعرف أبناؤها كيف يجعلون عدوهم يحسب ألف حساب للمواجهة المباشرة على أرضها.
ندرك جيداً ضخامة ترسانة العدو العسكرية والدعم اللامحدود المغدق عليه من أميركا والغرب الاستعماري، لكن ما نعرفه أكثر أن إرادة الشعب الفلسطيني القوية كفيلة بفرض معادلات القوة والردع وصولاً لتحرير الأرض ودحر الاحتلال.