ظافر أحمد أحمد
لكل حرب خاضها الكيان الإسرائيلي منذ نشأته أسباب إسرائيلية معلنة، ولكن السبب الوحيد الأساسي يتم حذفه، وتستنفر دعاية عالمية سياسية وإعلامية لطمسه من أجل إقناع العقل العربي بأنّه سبب من الماضي، إنّه الاحتلال، فلولا الاحتلال لما نشأ أي مظهر من مظاهر الصراع العربي- الإسرائيلي، ولما حدثت أيّ معركة وحرب وملحقاتها في الشرق العربي تحديدا.
إنّ أي فعل مقاوم للكيان الإسرائيلي منذ نكبة 1948 وحتى الآن هو ردً على الاحتلال، وإنّ أهمية تظهير هذا الرد وسببه الأساسي الاحتلال مهم جدا هذه الأثناء، لأنّه يراد وعلى نطاق واسع عالمياً تظهير كل الوحشية الإسرائيلية والحرب التي أعلنها الكيان الإسرائيلي على غزّة بأنّها رد على ما قامت به المقاومة الفلسطينية بتجاوزها الشريط الشائك الذي يتحصّن خلفه الاحتلال، ودون تظهير بأنّ ما قامت به وتقوم المقاومة الفلسطينية حتى الآن حصل بعد خطوات إسرائيلية تصعيدية في توسيع الاستيطان واستباحة الأقصى والتضييق على الدّاخل الفلسطيني في القدس وغيرها، خصوصا أنّه يوم عن يوم يراد مسح حق عودة اللاجئين الفلسطينيين من الذاكرة العربية والذاكرة العالمية بعدما تم مسحه من التداول السياسي والإعلامي على نطاق واسع جدا..
إحدى أبرز نتائج الفعل الفلسطيني بخرق السياج الشائك ونقل المعركة إلى داخل أرض فلسطين حيث يسيطر الاحتلال الاستيطاني هي تذكير العالم كلّه بحقيقة الاحتلال وحق الضحية الفلسطينية بتقرير مصيرها وفعلها المقاوم، وبهذه المعركة التي مازالت تدور رحاها أعادت المقاومة قضية فلسطين إلى المربع الأوّل المطلوب لفهم ما يحدث.
من الأهمية القصوى بمكان أنّ “يتفجّر” الحديث عن حق العودة وعلى أوسع نطاق وبما يترافق مع تفجيرات غزّة، لأنّ الوحشية الإسرائيلية الحالية تعمل بوضوح على زيادة الشتات الفلسطيني من خلال التهجير الجماعي لأهالي غزّة وزيادة أعداد اللاجئين، بل وصلت الوقاحة الإسرائيلية إلى تحديد (سيناء المصرية) كوطن بديل لأهالي غزّة، وهو مشروع إسرائيلي قديم ظهر حتّى بعد سنوات طويلة من اتفاقية كامب ديفيد التي أنهت الصراع المصري -الإسرائيلي، ولم تتمكن من إنهاء الصراع العربي- الإسرائيلي..، وهاهو الفصل الأحدث من الصراع يتضمن مشروعا إسرائيليا أعلنته حكومة الحرب الإسرائيلية باسمه الصريح “مسح غزّة”، إذا أهالي غزّة إلى أين؟ لا مكان لأهل غزّة ينزحون إليه، وبالتالي مصيرهم الوحيد اللجوء والشتات، وهو أحد الأحلام الإسرائيلية كي تضيف المزيد من الفلسطينيين إلى ملف عودتهم المطموس حتّى في اتفاقات مسار يسمى السلام العربي- الإسرائيلي.