الثورة- دمشق – عادل عبد الله:
يعتبر الكشف المبكر عن نقص السمع عند الأطفال حديثي الولادة نقطة البدء الصحيحة، والتي عليها تبنى خدمات التدخل المبكر والتأهيل، للتخفيف أو إزالة العقابيل المرتبطة بنقص السمع وضمان التطور الطبيعي اللغوي والمعرفي والنفسي للطفل والتواصل الطبيعي للبالغ.
فالبرنامج الوطني للكشف والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة يهدف إلى إجراء المسح لجميع حديثي الولادة قبل بلوغه شهرهم الأول من العمر، وتشخيص نقص السمع في حال وجوده قبل مرور الثلاثة أشهر، وبالتالي إتاحة الفرصة للتدخل المبكر والصحيح قبل عمر الستة أشهر. ويقوم في جوهره على ضمان المسح والكشف والتشخيص المبكر لنقص السمع لدى جميع المواليد الجدد في الجمهورية العربية السورية، ليحصل كل المواليد على هذا المسح والتشخيص الضروري لمستقبل حياتهم أينما كانوا وفي أي محافظة سورية.
مماثل لأقرانه
عضو البرنامج الوطني للكشف والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة- معاون وزير الصحة – الدكتور أحمد ضميرية- أشار” للثورة “إلى أن إطلاق البرنامج وبرعاية وحضور السيدة الأولى أسماء الأسد خطوة رائدة، ولاسيما في الوقت الراهن كون من شأنه المساعدة في حلّ نقص السمع حتى يكون الطفل مماثلاً لأقرانه.. حيث تعمل الدولة على هذا الأمر ضمن فريق خبراء وآلية للعمل ووفق نظام مركز ومصنف، ومن خلال تحديد أماكن وعيادات وعلاج بأيدي كوادر مدربة ومؤهلة وأجهزة متطورة.
وسلط الضوء بأنه بدأ الوعي لموضوع نقص السمع في سورية مع تأسيس المنظمة السورية للأشخاص ذوي الإعاقة “آمال” في عام 2002 واستقبال الأطفال الذين يعانون من نقص في السمع، حيث بدأ المركز بتقديم خدمات الكشف والتشخيص للإعاقات السمعية والتدخل اللازم، من خلال أطباء واختصاصيين يقومون بعملية التشخيص، إضافة إلى برنامج زراعة الحلزون،كما أنه نتيجة لبدء «آمال» منذ أكثر من 20 عاماً بالتصدي لهذه المشكلة، جعلها صاحبة خبرة في هذا المجال، يضاف إلى ذلك سعيها الدائم للتوسع وتقديم الخدمة على مساحات جغرافية إضافية.
وأوضح:في عام 2016 كان لدى وزارة الصحة رؤية بخصوص توجهها نحو إحداث عيادات الوليد التي بدأت بتقديم عدة تحريات عن الإعاقات من ضمنها تحري الإعاقة السمعية، حيث كان يتم تقديم الخدمة في الوزارة من خلال عيادات الوليد والتي كان عددها 6 عيادات، 4 منها مراكز صحية السمعية في محافظات دمشق، اللاذقية، طرطوس، حماة و 3 مستشفيات.
وأشار إلى أنه منذ ذلك الحين عملت وزارة الصحة على تطوير آليات عملها في هذا المجال، وقامت في عام 2018 بإطلاق “البرنامج الوطني للكشف المبكر عن نقص السمع” وهو برنامج صحة عامة وتم إدراجه ضمن برامج الرعاية الصحية الأولية في الوزارة، بهدف تقديم خدمة المسح السمعي الاختياري للأطفال دون سن الخامسة، مدعومة بالتشخيص بالإضافة إلى زيادة الوعي المجتمعي حول أهمية كشف نص السمع أبكر ما يمكن.
شراكات بين المعنيين
وأضاف أنه سعياً من الوزارة لإيصال الخدمة لأكبر عدد من العائلات قامت في عام 2019 بتوقيع اتفاقية تعاون مع المنظمة السورية للأشخاص ذوي الإعاقة “آمال”، وكانت إحدى نتائج هذه الاتفاقية افتتاح عدة مراكز تقدم خدمة القرى عن الإعاقة السمعية.. حيث أصبح لدى الوزارة 16 مركزاً موزعاً على المحافظات عدا إدلب والرقة، بطاقة تشغيلية بحدود 50 ألف طفل في السنة، وهو ما يغطي نحو 7% من حديثي الولادة المقدر رسمياً بـ 740 ألف وليد، ففي عام 2020 استفاد 4795 طفلاً من خدمة التحري عن نقص السمع بمتوسط 25 طفلاً للمركز الواحد في الشهر، وهو ما يشكل 10% من الطاقة الاستيعابية لهذه المراكز، وفي نفس العام كان إطلاق الخطة الوطنية للمسح السمعي للوليد ضمن برامج صحة الوليد، نظراً لتطابق الرؤية والهدف الكلي مع مبادئ الرعاية الصحية الأولية وشراكة بين وزارات الصحة والدفاع والداخلية والتعليم العالي والبحث العلمي ومنظمة “آمال” والهلال الأحمر،ونتيجة هذا التعاون كان وضع واعتماد بروتوكول الكشف المبكر عن نقص السمع، ومع اعتماد هذا البروتوكول قامت الوزارة بإطلاق البرنامج الوطني للسمع عند الولدان واعتماد الخطة الوطنية للبرنامج ووثيقته والبدء بتنفيذها.
الخدمة مجانية
وأكد ضميرية أهمية البرنامج لجهة الأثر الإيجابي على الطفل بالدرجة الأولى وأهله والمجتمع بشكل كامل، ودوره في زيادة الوعي لدى الأهل بضرورة إجراء اختبار المسح السمعي لأطفالهم، موضحاً أن إطلاق البرنامج أسهم بزيادة الإقبال على المستشفيات والمراكز المخصصة لذلك، من أجل طلب إجراء هذه الخدمة الصحية، حيث تقدم الخدمة لكل حديثي الولادة بشكل مجاني، عبر 46 مركزاً منتشراً في المحافظات كافة، مؤكداً أن 60 بالمئة من حالات نقص السمع الولادي قابلة للوقاية، من خلال اتخاذ التدابير الصحية اللازمة.
ونوه بأنه من أجل أطفالنا كان البرنامج الوطني للكشف والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة حقيقة عمل استغرق إنجازه سنوات عديدة، ووضع أساس العمل المشترك بما يتعلق في تدبير نقص السمع للجهات المعنية بالشأن الصحي وبشكل مستمر من أجل تقديم الخدمات بأفضل شكل ممكن من خلال الفحص السمعي للطفل، وبدقائق قليلة يتمكن آلاف الأطفال من الحياة الطبيعية بدل من أن نحرمهم حاسة السمع، لكي يكون لكل طفل صوت يسمع.. ويسعى البرنامج إلى إجراء مسح سمعي لحديثي الولادة خلال الشهر الأول، والتشخيص بعمر 3 أشهر، والتدخل قبل الشهر السادس لما يقدر500 ألف طفل، فحاسة السمع هي التي تسهل التواصل وتعزز التفاعل الاجتماعي.. وهي مفتاح تعلم اللغة المنطوقة وهو مهم للنمو المعرفي للأطفال.
عالم الأطفال بصوت
وأشار الدكتور ضميرية إلى أنه يُتوقع بحلول عام 2050، أن يعاني نحو 2,5 مليار شخص من درجة ما من فقدان السمع، وأن يحتاج ما لا يقل عن 700 مليون شخص إلى خدمات التأهيل الخاصة بالسمع، لذلك فإن الكشف المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة إجراء مهمّ جداً في الشهر الأول من الولادة للتدخل المبكر والعمل على حلّ نقص السمع، سواء عبر السماعة أم التدخل عبر زرع الحلزون بهدف جعل عالم الأطفال بصوت، وحمايتهم من الآثار الجانبية التي من شأن نقص السمع أن يؤثر عليها.
وأوضح أن اللجنة الوطنية ناقشت للمسح السمعي في اجتماعها مؤخراً آلية عمل ومسار البرنامج الوطني للكشف والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة، وإمكانية التوسع فيه لضمان وصول الخدمة لأكبر عدد من حديثي الولادة، حيث تم طرح عدد من الأفكار والمقترحات التي تسهم في تطوير البرنامج وضمان عدم تسرب الأطفال الذين لم يجتازوا اختبار المسح السمعي، إضافة إلى آلية للتدخل في حال عدم الاجتياز ومتابعة الحالات بدقة كبيرة، إضافة إلى ضرورة وجود توقيع للأهل على سجل أو استمارة بشكل يضمن اصطحابهم لأطفالهم إلى مراكز الاستقصاء في الوقت المحدد، للاستفادة من البرنامج، وتكثيف الدورات التدريبية لتشمل الأطباء في اختصاصات الأذنية والنسائية والأطفال، إضافة إلى القابلات.. مشيراً إلى أن البرنامج ينفذ من قبل وزارات الصحة، والتعليم العالي والبحث العلمي، والدفاع، والداخلية، والمنظمة السورية للأشخاص ذوي الإعاقة “آمال”، ومنظمة الهلال الأحمر العربي السوري.
تكلفة سنوية عالية
وبين معاون وزير الصحة أن 30 من كل ألف طفل يولدون ولديهم مشكلة في السمع، ومن منظور عالمي- ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية بأن نقص السمع غير المعالج قد يشكل تكلفة سنوية عالية تبلغ 980 مليار دولار، وهذا يشمل تكاليف القطاع الصحي (باستثناء تكلفة أجهزة السمع) وتكاليف التعليم، وفقدان الإنتاجية والتكاليف المجتمعية،ويسمى نقص السمع الإعاقة الخفية وحسب التقرير الصادر عن المنظمة في آذار من عام 2021، اعتبر نقص السمع غير المكتشف ثالث أكبر سبب للعيش سنوات طويلة مع إعاقة خفيفة.
برنامج إلكتروني
ولفت الدكتور ضميرية إلى أهمية وجود البرنامج الإلكتروني المرفق بالبرنامج الوطني للكشف والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة، لمتابعة مراحل تطور العمل بالبرنامج مختلف المستجدات ولاكتساب خبرات عملية تم تدريب الكوادر الصحية في الوزارة والجهات المعنية فيما يتعلق بتسجيل بيانات المستفيدين منه ومتابعة حصولهم على مختلف مراحل الاستقصاء والعلاج، وذلك من أجل تسهيل التواصل مع أهل الطفل بشكل مستمر لمعرفة الخدمات التي قدمت للطفل، وضمان الحصول على البيانات والمعلومات الكاملة للأطفال الذين أجروا اختبار المسح السمعي، وإعداد إحصائيات وتقارير دقيقة وضمان متابعة الأطفال في حال لم يجتازوا الاختبار لإجراء الاستقصاءات الطبية الأخرى.
ولفت عضو البرنامج الوطني للكشف والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة أنه برعاية ودعم في تنفيذه منذ قرابة عقدين من الزمن وبخطة عمل مشتركة أصبح اليوم من الممكن تشخيص نقص السمع الحديث وقبل مرور فترة طويلة على الحرمان السمعي، مؤكداً أن وزارة الصحة ومع شركائها جميعاً في البرنامج الوطني للكشف والتدخل المُبْكر لنقص السمع عند حديثي الولادة، تتطلع ليكون المسح السمعي لحديثي الولادة شأنه شأن برنامج اللقاح الوطني الذي يقدم اللقاحات الضرورية، وذلك من خلال بروتوكولات طبية معيارية للمسح السمعي والكشف والتدخل المُبْكر لدى الأطفال المصابين بنقص السمع، منذ ولادتهم وحتى عمر الأربعة عشر عاماً، وبروتوكولاتٍ لتأهيلهم في مجال اللغة والكلام.