أبناؤنا واللامبالاة.. المرشدة النفسية السليمان لـ”الثورة”: ضبط سلوكهم وتحمل المسؤولية منذ الصغر

الثورة – ميساء السليمان:

مشهد يتكرر في كل بيت، شاب أو شابة في مقتبل العمر وأوفر صحة يعيش في بيت ذويه، يستيقظ صباحاً ويترك فراشه دون ترتيب ويستبدل ملابسه وتركها للغسيل متناثرة في أي زاوية أو ركن، وهناك من سيتولى جمعها وغسلها وكويها وإعادتها إلى مكانها.. يقدم له الطعام جاهزاً ليتناوله قبل ذلك أو بعده لا يتعب نفسه بغسل كوب أو صحن، فهناك من سيتولى كل ما يترتب على هذا.
يذهب لمدرسته أو جامعته ويعود لينام أو يسهر على مواقع التواصل أو مشاهدة حلقات متتابعة من مسلسل جديد، وأحياناً في أوقات فراغه قد يتكرم في الجلوس مع بقية أفراد أسرته لكنه حاشا أن ينسى أن يتصفح شاشة هاتفه ليظل حاضراً وقريباً من أصحابه الذين يقضي معهم جُلّ أوقاته حتى لا يفوته تعليق، أو صورة ، أو فضول، فيما يفعله الآخرون.
هو لا يساهم ولا يشارك في أي مسؤولية في البيت ولو بالشيء القليل، ويترك المكان في فوضى، وإن رأى في البيت ما يستوجب تصليحه أو تبديله يمر مرور السحاب، كونه يفكر أن التصليحات والتنظيف والترتيب مسؤولية غيره.
ضيف في منزله
ما يدفعنا للقول.. لدينا الآن جيل معظمه يتصرف وكأنه ضيف في منزله، لا يساعد ولا يساهم ولا يتحمل أي مسؤولية حوله من سن المدرسة إلى الجامعة وحتى بعد حصوله على الوظيفة، هو أو هي يعيشان في بيت والديهما كضيوف، ولا يعرفان من المسؤولية غير المصروف الشخصي وغيره من الاحتياجات، ويبقى الأب والأم تحت وطأة المسؤوليات عن البيت حتى مع تقدم العمر وضعف الجسد، فالوالدان لا يريدان أن يتعبوا الأولاد.
إن تقدير وتحمل المسؤولية تربية تزرعها أنت في أولادك “لا تخلق فيهم فجأةً”، ولا حتى بعد الزواج، لأنهم بعد الزواج سيحملون الثقافة التي اكتسبوها من بيوت أهليهم إلى بيت الزوجية، أي ثقافة الاتكالية، وبالتالي جيل لا يُعتمد عليه أبداً في بناء بيت أو أسرة أو تحمّل مسؤولية زوجة أو زوج وأولاد.
لذلك ينصح خبراء التربية والاجتماع أن يعود الشخص أبناءه على تحمل بعض المسؤوليات في الحياة بغية بناء شخصيته وبناء جيل مسؤول اجتماعياً، فتحمل المسؤولية يجعلهم أقوى ويعينهم على مواجهة ما سيأتيهم مستقبلاً ، ويساعدك في الاعتماد عليهم وفي التفكير بالآخرين، ما يجعلهم أقل أنانية وأكثر تقديراً وفاعلية في بيوتهم ومحيطهم ومن ثم وظيفتهم ومجتمعهم مستقبل.
لكل تصرف عواقب
“الثورة” رصدت آراء بعض الأمهات من خلال بعض الأسئلة.. وأشارت السيدة وعد أحمد- معلمة، إلى تجربتها في التعامل مع أبنائها، وأنها قصرت في تحميلهم مسؤولياتهم منذ الطفولة موضحة أنه من الضروري أن يتعلم الأطفال المسؤولية منذ الصغر عبر منحهم فرص للقيام بمهام تناسب أعمارهم، مثل ترتيب ألعابهم أو المساعدة في الأعمال البسيط، لا يجب أن ننجرف إلى تلبية كل احتياجاتهم بأنفسنا، لأن ذلك قد يجعلهم يعتمدون علينا بشكل مفرط، ومن المهم أيضاً تعليمهم أن لكل تصرف عواقب، حتى يدركوا أهمية الاعتماد على أنفسهم واتخاذ القرارات المناسبة في حياتهم.
أما السيدة ايمان محمد- ربة منزل، قالت: بعض الأمهات قد يتجنبن تحميل أبنائهن مسؤوليات معينة بدافع الحب أو الحماية، لكن هذا قد يؤدي إلى نقص في تنمية مهارات الاستقلالية والاعتماد على الذات لدى الأبناء، إذا كانت الأم لم تعوّد أبناءها على تحمل مسؤوليات مناسبة لأعمارهم، مثل ترتيب أغراضهم، المساعدة في الأعمال المنزلية، أو اتخاذ قرارات بسيطة، فقد يواجهون صعوبة في التعامل مع تحديات الحياة لاحقاً، بالمقابل، هناك أمهات يوزعن المسؤوليات بشكل متوازن، فينشأ الأبناء قادرين على تحمل الأعباء دون الشعور بالضغط الزائد.
كما أوضحت السيدة عائشة العمر- موظفة، في إجابتها على سؤال مفاده كيف يمكن تلافي هذه الأخطاء التربوية في وقت مبكرا: أرى أن أهم خطوة لتلافي هذه الأخطاء التربوية هي تعليم الأطفال منذ الصغر تحمل مسؤولياتهم من خلال إشراكهم في المهام اليومية البسيطة وتشجيعهم على الاعتماد على أنفسهم، لا يجب أن نخشى عليهم من التجربة أو الوقوع في الخطأ، فهذه هي الطريقة التي يتعلمون بها. كذلك من المهم منحهم حرية اتخاذ بعض القرارات تحت إشرافنا، لأن ذلك يعزز ثقتهم بأنفسهم ويجعلهم أكثر وعياً بمسؤولياتهم في المستقبل.
ضبط السلوك
أما فيما يتعلق بكيفية ضبط سلوكيات الأبناء بعد وصولهم لمرحلة عدم تحمل المسؤوليات واللامبالاة بتفاصيل الحياة اليومية فقد أوضحت المرشدة النفسية دارين السليمان: موضوع ضبط سلوكيات الأبناء بعد وصولهم لمرحلة المراهقة صعب جداً، وبالتالي يجب ضبط السلوك منذ الصغر لأن موضوع تحمل المسؤولية موضوع تعود أو عادة لذلك علينا العمل منذ الصغر ولكن إذا أردنا ضبط سلوك المراهقة علينا العمل ضمن هذه الخطوات:

أن يكون هناك قوانين للمنزل يجب عدم تجاوزها أبداً مثل: (مواعيد العودة للمنزل أو عدم الخروج منه بدون إذن)، والتحفيز والتشجيع على تحمل المسؤولية منذ الصغر مثل ترتيب ملابسه أو وضع الألعاب في مكانها بعد الانتهاء من اللعب، تعوده على خدمة ذاته بدلاً من الاعتماد على الآخرين مثل (غسل اليدين، لبس ملابسه، ربط حذائه) صحيح إنها أشياء بسيطة لكن مهمة ومن الممكن تكليفه بجلب أشياء للبيت حسب قدرتن وبنيته الجسدية، وضع حدود لا يجب تجاوزها مثل (احترام الوالدين، عدم رفع الصوت على الوالدين، تكسير أو تدمير الأشياء ، عدم الخروج إلا بإذن، أن يكون هناك قدوة في حياة المراهق: عندما يجد المراهق قدوة حسنة من قبل الوالدين فإن الأمر سيكون سهلاً وبسيطاً، بمعنى لا يمكنني أن أجعل من ولدي متحمل للمسؤولية وأنا غير ذلك.
ولفتت إلى أنه لابد من استخدام أسلوب الحوار بدل من العقاب الشديد لأن مرحلة المراهقة هي مرحلة رفض السلطة والأوامر لذلك من الأفضل توضيح العواقب بدل من العقاب ويجب دعمهم وجعلهم يشاركون في اتخاذ القرارات، والاهتمام بهواياتهم وميولهم وعدم الضغط عليهم وتشجيعهم وعدم السخرية منهم وهكذا يستطيعون تحمل مسؤولية خياراتهم، ويمكن تفادي الأخطاء منذ الصغر مثلما ذكرنا بتعليمهم تحمل المسؤولية ابتداء من ترتيب الألعاب إلى المساعدة في الأعمال المنزلية، وتشجيع على اتخاذ القرار ،طلب آرائهم بأشياء تخصهم مثل اللباس المفضل أو الطعام المفضل وعدم فرض رأي الوالدين، وتعزيز الاستقلالية مثال: في حال أخطأ الطفل سامحه وأتركه يتعلم من خطأه وبذلك يتعود الطفل على تحمل المسؤولية منذ الصغر.
عصف الشخصية
وحول التأثيرات على الشاب أو الفتاة، لفتت المرشدة النفسية إلى عدة حالات منها ضعف الشخصية، وقلة الثقة بالنفس، والتردد وصعوبة اتخاذ القرارات، الاتكالية والاعتماد على الآخرين وبذلك يواجهون صعوبة بالتعامل مع الآخرين والتأقلم مع متطلبات الحياة، ومن الممكن أن يكون لديه سلوكيات غير منطقية مثل الفوضى، التهرب من الالتزامات، الكسل، التسويف.
تأثيرها على الوالدين
أما تأثير هذه الحالات على الوالدين، فتكمن بالضغط النفسي والتعب المستمر، خلق حالة من التوتر في العلاقة الأسرية والشعور بالفشل التربوي، فيما تأثيرها على المجتمع يتمثل بجيل غير مسؤول وغير منتج، بالإضافة إلى معاناة المجتمع من جيل ليس لديه حس المسؤولية، بالإضافة إلى انتشار البطالة وزيادة المشكلات الاجتماعية، مثل الاعتماد الزائد على الأهل حتى بعد البلوغ والتأخر بالاستقلالية مما يؤدي إلى تفكك بالعلاقات الاجتماعية والأسرية.
طرق الحل والمعالجة
تؤكد المرشدة السليمان في هذا الجانب على ضرورة تعويد الأطفال والمراهقين منذ الصغر على تحمل المسؤولية وإعطائهم فرص للتعلم من أخطائهم وبهذا نضمن جيل واعي قادر على مواجهة الحياة، ولتلافي الأخطاء التربوية يجب أن يكون الوالدين واعيين جداً في أسلوب تربيتهم وعليهما تجنب العادات التي تضعف شخصية الطفل وتجعل منه طفلا اتكالياً وهذه تحتاج إلى تعزيز الاستقلالية منذُ الصغر، وعدم حل مشكلاته دعه يحل مشاكله ويفكر في طريقة الحل، وعندما يسأل الطفل لا تعطيه الجواب جاهز حفزه و دعه يبحث عن الحل، وإنما وضع حدود واضحة ومرنة.
وذكرت أنه في بداية الحديث تكلمنا عن وضع قوانين للمنزل، ولكن إذا كان هناك سبب منطقي للتجاوز في بعض الأحيان يجب أن نسمعه ونتكلم معه، وبذلك تكون الحدود واضحة وغير جامدة، داعية إلى تعلم تحمل المسؤولية بطريقة تدريجية، مع تعزيز الثقة بالنفس وعدم مقارنته بالآخرين، ناهيك عن الاهتمام بالحوار والتواصل اليومي لناحية الاستماع وتقبله وألا يستهزئ أحد منه، بل إعطائه الوقت الكافي من دون نصائح أو لوم أو توبيخ بحيث يكون قدوة حسنة.

 

آخر الأخبار
الشيباني يؤكد بدء التخطيط للتخلص من بقايا "الكيميائي": تحقيق العدالة للضحايا هدوء حذر وعودة تدريجية لأسواق الصنمين The NewArab: الشرع يطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للانسحاب من جنوب سوريا "The Voice Of America": سوريا تتعهد بالتخلص من إرث الأسد في الأسلحة الكيماوية فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا استفزاز جامعة دمشق تختتم امتحانات الفصل الأول حين نطرح سؤالاً مبهماً على الصغار تكلفة فطور رمضان تصل إلى 300 ألف ليرة لوجبة متواضعة Anadolu Agenci : فورد: يجب على أميركا أن تسحب قواتها العسكرية من سوريا دوري أبطال أوروبا.. الكبار يقطعون نصف المشوار بنجاح "باب سريجة".. انخفاض في المبيعات على الرغم من الحركة الكثيفة مجلس الأمن الدولي: محاولات إقامة "سلطة حكم موازية" في السودان أمر خطير أبناؤنا واللامبالاة.. المرشدة النفسية السليمان لـ"الثورة": ضبط سلوكهم وتحمل المسؤولية منذ الصغر محافظ اللاذقية يتفقد فرع الهجرة والجوازات وأمانة السجل المدني اشتباكات مع المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون في الصنمين بعد رفضها تسليم عناصرها تنظيم حركة المركبات والدراجات في حمص ارتفاع حصيلة الضحايا في الصنمين إلى خمس انطلاق سوق "رمضان الخير" في دمشق لتوفير المنتجات بأسعار مخفضة المعتقل صفراوي عالج جراح رفاقه في سجن صيدنايا وأنقذ الكثيرين "حركة بلا بركة"