الثورة – تحقيق فؤاد العجيلي:
تحولت المزارع والفيلات في ريف حلب إلى وجهة رئيسية للعائلات الحلبية خلال الصيف، لتكون مقصداً سياحياً لمتوسطي الدخل، إذ توفر هذه الوجهات خصوصية اجتماعية ومساحات واسعة بأسعار معقولة، ما يجعلها خياراً مثالياً للهروب من حرارة المدينة وضغوط الحياة اليومية.
مساحات مفتوحة
بدأت العائلات والمجموعات الشبابية تستهدف المزارع والفيلات، بسبب التكلفة المادية المناسبة، إذ تتراوح أسعار إيجار المزارع في ريف حلب بين مليون ليرة سورية لمزرعة بسيطة، وثلاثة ملايين ليرة لفيلا بمسبح وطاقة شمسية، لليوم الواحد.
وتتيح المزارع مساحات مفتوحة للعائلات الكبيرة، مع إمكانية إقامة جلسات شواء وأنشطة ترفيهية دون الاضطرار للاختلاط بأماكن عامة مزدحمة، إلى جانب احتوائها على مسابح خاصة وحدائق، ما يزيد من جاذبيتها، وخاصة للأطفال.
وفوق هذا وذاك اختصار الوقت بسبب القرب من المدينة، لأن العديد من المزارع تقع في مناطق قريبة من حلب، مثل خان العسل وطريق الشام والنيرب، الأمر الذي يسهل الوصول إليها دون الحاجة لسفر طويل.
بين الترفيه والتكلفة
“نحن مجموعة أصدقاء، نفضل استئجار مزرعة ليوم واحد كل أسبوع، المساحات الواسعة تتيح لنا إقامة حفلات شواء وممارسة الألعاب الجماعية دون قيود، ولكن المشكلة الوحيدة هي أن الأسعار تضاعفت هذا الصيف، وخاصة في المزارع المجهزة بمسابح”.. هكذا قال “عبد الله. م”، وهو أحد الطلاب الجامعيين، الذين يجدون في الرحلات إلى هذه الأماكن فرصة للترويح عن النفس والخروج من ضغط الدراسة.
أما “مصطفى. ع”، وهو موظف في بلدية حلب، فقال لصحيفة الثورة: “نصف مدخراتنا السنوية كنا ننفقها على إجازة في اللاذقية، أما الآن فإننا نستأجر فيلا في خان العسل بمليوني ليرة لليلة، وهي تكفي 15 فرداً، والأهم أن الأطفال يستمتعون بالمسابح الآمنة بعيداً عن ازدحام الشواطئ”.
رافد للاقتصاد المحلي
الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الحميد الحلبي، أوضح في حديثه لصحيفة الثورة أن تنشيط القطاع السياحي، ولاسيما في المدن الداخلية، يعتبر رافداً حقيقياً للاقتصاد الوطني، ويسهم أيضاً بتأمين فرص عمل للعديد من الفعاليات الاجتماعية والخدمية والاقتصادية، ولهذا فإن محافظة حلب تمتلك مقومات هامة في القطاع السياحي.
فوائد اجتماعية
تفيد هذه الرحلات بتعزيز الروابط الأسرية، فالمزارع توفر بيئة هادئة بعيدة عن صخب المدينة، ما يمنح العائلات فرصة للجلوس معاً، تناول الطعام، وممارسة أنشطة جماعية تقوي الروابط الأسرية.
أيضاً في المزارع مساحات آمنة للأطفال، الطبيعة والأراضي الواسعة تمنح الأطفال مجالاً للعب الحر بعيداً عن المخاطر المرورية، ما يعزز نموهم الجسدي والنفسي.
ولا ننسى فوائد التواصل مع الطبيعة، فقضاء الوقت بين الأشجار والهواء النقي يقلل من التوتر ويعيد التوازن النفسي، في وقت يزداد فيه الضغط الناتج عن الحياة اليومية في المدن.
وربما من أهم فوائد هذه النزهات هو إحياء العادات، فهي تساهم في تعزيز روح المشاركة بين العائلات، سواء عبر الولائم أو الألعاب الشعبية، ما يعيد إحياء جزء من التراث الاجتماعي المحلي.
فوائد اقتصادية
وتحدث د. الحلبي عن الفوائد الاقتصادية، مبيناً أن هذه الرحلات تنشط السياحة الداخلية، وتتيح بديلاً اقتصادياً مناسباً للفنادق أو الشاليهات الساحلية، ما يجعل السياحة الداخلية في متناول شريحة أوسع من المجتمع.
وأضاف: أيضاً تخلق فرص عمل، فانتشار الطلب على المزارع والفيلات يؤدي إلى توفير وظائف مؤقتة أو دائمة، مثل خدمات الحراسة، التنظيف، والضيافة.
وتابع الحلبي: إن أصحاب الأراضي والمزارع وجدوا فرصة لتحويل ممتلكاتهم إلى مشاريع مدرّة للدخل من خلال تأجيرها أو تجهيزها لاستقبال الضيوف، وكذلك فهي تحرك الأسواق، لأن إقبال العائلات على الريف ينعكس إيجابياً على مبيعات المحلات الصغيرة، المطاعم، ومحال المواد الغذائية القريبة من تلك الوجهات.
وختم د. الحلبي بالقول: إن تحول المزارع والفلل في ريف حلب إلى مقصد صيفي يعكس حاجة المجتمع إلى بدائل ترفيهية واقتصادية في ظل الظروف المعيشية الراهنة، فهذه النزهات لا تعزز فقط من الروابط الاجتماعية والصحة النفسية، بل تفتح أيضاً أبواباً للنمو الاقتصادي المحلي.. وهكذا يجتمع الترفيه مع الفائدة العملية في تجربة واحدة تخدم العائلة والمجتمع معاً.