الثورة – فردوس دياب:
تمثل الاحتياجات العاطفية للطفل ضرورة نفسية وروحية بالنسبة له، وهي كالغذاء يحتاجه بشكل متواتر ويومي، وهذا ما يفرض على الأهل توفيرها بشكل دائم وتهئية الظروف المناسبة لغرس بذورها في بيئة تساعد على نموها وازدهارها الدائم، فالبيوت والأسر التي تخلو من مشاعر الحب والحنان والعاطفة، هي بيوت وأسر يتحول أفرادها إلى مجرد أجساد بلا أرواح يشبهون الأخشاب الجوفاء.
دون مقابل
الباحثة التربوية والنفسية رامة حمود عرفت “الاحتياجات العاطفية ” للطفل بأنها كل المشاعر التي لا يستطيع الطفل أن يطلبها ويتعلمها إلا من بيئته الأسرية، وتشمل الحب والحنان وإعطاء القيمة لهذا الطفل.
وأوضحت حمود أن الاحتياجات العاطفية للطفل هي ضرورية له، ويجب على الأهل تقديمها دون مقابل ودون شروط، ذلك أن الكثير من الآباء والأمهات يقعون في هذا الخطأ وهو منحهم الحب لأطفالهم وإقرانه بشروط معينة.
ودعت حمود إلى ضرورة توفير الاحتياجات العاطفية للطفل لأنها من الأساسيات المهمة التي يتوجب على الأسرة توفيرها إلى جانب الاحتياجات المادية مهما كانت الظروف صعبة ومهما كانت الضغوطات كبيرة، لأن عدم توفيرها للطفل يسبب نوعا من الحرمان العاطفي الذي سيكون له آثاره النفسية والاجتماعية عليه في المستقبل، فالطفل هو نتاج المشاعر التي نقدمها للطفل .
بيئة حاضنة
وعن أهم الاحتياجات العاطفية التي ينبغي على الأسرة تقديمها لأطفالها، بينت الباحثة التربوية أن ” هرم ماسلو” حدد الاحتياجات التي يتوجب توفيرها لأي فرد من أفراد الأسرة، بدءاً من الطفولة إلى نهاية الحياة، وأولها الاحتياجات البيولوجية الطبيعية التي تسعى الأسر إلى توفيرها بشكل طبيعي من باب الرعاية لهذا الطفل من مأوى ومأكل ومشرب وملبس، وثانيها حاجة الطفل إلى الأمان أي وجوده في بيئة حاضنة تمنحه الأمان، ومن ثمَّ الاحتياجات العاطفية وهي التعبير عن المشاعر وأي خلل في هذا المستوى من الاحتياجات سيؤثر على المستويات الأعلى وهي احترام وتحقيق الذات.
وبالنسبة للفرق بين الرعاية والتربية من ناحية توفير هذه الاحتياجات، أكدت حمود أنه لابد من التمييز بين الرعاية التي تعنى بتوفير الحاجات البيولوجية التي تحدثنا عنها، وبين التربية التي تقوم على توفير الحاجات البيولوجية والعاطفية معاً.
العناق
الباحثة حمود ،أوضحت أن هناك العديد من القواعد الناظمة لتلبية الاحتياجات العاطفية للطفل، وأول هذه القواعد ، هي التعبير اللفظي والتي يطبقها الأهل في الأشهر الأولى عندما تقوم الأم بضم واحتضان طفلها وإعطائه طاقة كبيرة من الحب.
وعندما يصبح الطفل في عمر العامين يكون التعبير عن الاحتياجات العاطفية من خلال الكلام مع الطفل ومشاركته المشاعر والتعبير عنها لفظيا.
وأكدت أن أهم تعبير يقوم به الأهل تجاه أطفالهم كونه يختصر الكثير من الاحتياجات العاطفية هو “العناق” حيث أثبتت الدراسات النفسية أن الطفل يحتاج يومياً إلى 14 مرة من العناق حتى يتم إشباع احتياجاته العاطفية.
جرح الأم
وقالت حمود إن العلاقة الصحيحة القائمة على الاحترام والحب بين الأب والأم تنعكس إيجاباً على قدرة الطفل على التعبير عن احتياجاته العاطفية بشكل صحيح، لأنّ ٨٠% من احتياجات الطفل العاطفية يكتسبها من خلال العلاقة السليمة بين الأم والأب، فكلما كانت العلاقة صحيحة كان الطفل في حالة أقرب للاكتفاء العاطفي.
وأكدت حمود في نهاية حديثها على ضرورة اهتمام الام بكل أطفالها، دون تفضيل واحد عن الآخر، فكثير من الأمهات تركز مشاعرها على الطفل الأصغر أو المولود حديثاً على حساب أطفالها الآخرين، لأن هذه الأمر قد يسبب بإصابة الطفل البعيد عن اهتمامها بما يسمى ” جرح الأم”.