الثورة – ترجمة وجيها رومية:
صرح مسؤولون أمريكيون لوسائل الإعلام يوم الأربعاء الماضي أن الصين والولايات المتحدة ستعقدان محادثات نادرة للحد من الأسلحة النووية الأسبوع المقبل.
ووفقاً لتقرير صحيفة “وول ستريت جورنال”، فإن المناقشة لا تشير إلى بداية مفاوضات رسمية لوضع حدود للقوات النووية لكل جانب، ولكنها ستوفر للمسؤولين الأمريكيين فرصة للتحقيق مع نظرائهم الصينيين حول العقيدة النووية لبكين والتراكم الطموح للطاقة النووية. وهذا الاجتماع هو الأول من نوعه مع بكين منذ إدارة باراك أوباما.
وتحاول واشنطن إشراك الصين في المفاوضات الأمريكية الروسية للحد من الأسلحة النووية للحد من الترسانة النووية الصينية. ولم توافق بكين على ذلك، لسبب بسيط وهو أن كمية الأسلحة النووية التي تمتلكها الصين لا تعادل سوى جزء صغير من الكمية التي تمتلكها الولايات المتحدة وروسيا، وأن السيطرة على الأسلحة النووية مسؤولية خاصة تقع على عاتق الولايات المتحدة وروسيا. وقد علقت إدارة دونالد ترامب معاهدة القوى النووية متوسطة المدى، مشيرة إلى ترسانة الصين غير المقيدة كأحد الأسباب.
ومع ذلك، فمن الواضح أن الغرض الرئيسي من اجتماع الحد من الأسلحة بين الصين والولايات المتحدة هو التواصل، وهو بعيد عن الحديث عن تحقيق هدف الحد من الأسلحة.
وفي الشهر الماضي، صرح الجانب الأمريكي أن الصين لديها بالفعل 500 رأس حربي نووي عاملي، وتوقع أن يصل هذا العدد إلى 1000 بحلول عام 2030. وفي العام الماضي، توقعت الولايات المتحدة أن تصل الرؤوس الحربية النووية الصينية إلى 1500 بحلول عام 2035. ويشعر الجانب الأمريكي بالقلق من أن الولايات المتحدة لا تواجه عدواً نووياً واحداً، بل خصمين نوويين.
فمن ناحية، فإن بناء ترسانة نووية قوية هو حق الصين وضرورته كقوة كبرى مسؤولة، وامتلاك الصين لرادع نووي موثوق طويل الأجل يفضي إلى الحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين وحتى في العالم. وهو أمر أكثر أهمية من الانفراج قصير الأمد في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة. ومن ناحية أخرى، تحتاج الصين والولايات المتحدة إلى تعزيز الاتصالات حول هذه القضية الحاسمة لمنع حدوث سوء تقدير خطير.
وأعتقد أن الجانب الصيني يتعين عليه أن يوضح للجانب الأميركي ما يلي:
أولاً، تعمل الصين على بناء ترسانتها النووية للتحوط ضد المخاطر الاستراتيجية المتزايدة وتحقيق توازن أمني جديد. بعبارة أخرى، تغير الوضع الأمني في الصين، وتغير معه الحد الأدنى لحجم الترسانة النووية اللازمة للدفاع عن الأمن الوطني الصيني، لذا فلابد أن تكون أقوى كثيراً مما كانت عليه في الماضي. وما يبقى دون تغيير هو الاستراتيجية العسكرية الدفاعية التي تنتهجها الصين، ولن نستخدم الأسلحة النووية في أي وقت من الأوقات كأداة استباقية في المنافسة الخارجية.
ثانيا، تلتزم الصين التزاماً ثابتاً بسياسة “عدم البدء بالاستخدام” النووي. وقال مسؤول دفاعي كبير الشهر الماضي إنه على الرغم من أن الصين لم تغير سياسة عدم الاستخدام الأول، إلا أن ذلك “يثير بالتأكيد تساؤلات حول نواياهم على المدى الطويل”. ومن الواضح أن هذا يرجع إلى انخفاض عتبة استخدام الأسلحة النووية من جانب الولايات المتحدة، وهم يشعرون بالقلق من قياس ذرة الطرف الآخر بمكيالهم الخاص.
بالنسبة للصين، الأسلحة النووية ليست سوى أداة استراتيجية تستخدم لاستبعاد احتمال توجيه ضربات نووية أو ابتزاز ضد الصين من قبل قوى خارجية. إن كافة خطط الصين الدفاعية والأمنية الوطنية، بما في ذلك استخدام القوة كملاذ أخير لحل مسألة تايوان، مصممة على مستوى الأسلحة التقليدية.
إن دور الأسلحة النووية كامن للغاية، فهو يهدف إلى ردع القوى الخارجية عن إضافة أسلحة نووية لتشكيل وضع الحرب. ولا يوجد ارتباط بالاستخدام الأول للأسلحة النووية، ليس فقط من جانب الحكومة الصينية والجيش الصيني، بل وأيضاً من جانب الشعب الصيني. و”إن استخدام الصين للأسلحة النووية لأول مرة في ظل ظروف استثنائية” هو افتراض كاذب تماماً.
وثالثاً، تمتلك الولايات المتحدة بالفعل القوة النووية الأكثر قوة وشمولاً في العالم، ولكنها تواصل الاستثمار بكثافة في تحديث ترسانتها النووية. ما الذي تريد الولايات المتحدة أن تفعله بالضبط؟ قالت القوات الجوية الأمريكية، الأربعاء، إنها نسفت صاروخاً من طراز “مينيوتمان 3” فوق المحيط الهادئ بعد رصد خلل أثار ضجة كبيرة لدى الرأي العام العالمي. والولايات المتحدة هي المصدر الأكبر لسباق التسلح في العالم. إن سعيها الجشع الذي لا نهاية له لتحقيق التفوق العسكري المطلق يجعل الشعب الصيني يشعر بعدم الارتياح. وعلينا أن نطلب من الولايات المتحدة أن توقف توسعها المستمر في الطاقة النووية الذي وصل بالفعل إلى ذروته. وهذا هو الأساس للأهمية العملية للحد من الأسلحة.
رابعاً، تدعم الصين الجهود الدولية الرامية إلى منع الانتشار النووي، ولا ينبغي أن يتغير موقف الولايات المتحدة في هذا الصدد. وتساعد الولايات المتحدة أستراليا في تطوير غواصات نووية، مما يشكل سابقة خطيرة في مجال الانتشار النووي. ومن وقت لآخر تنشأ مناقشات خطيرة تحيط بحيازة الأسلحة النووية في اليابان وكوريا الجنوبية، وإذا كان يتعين على الولايات المتحدة أن تولي المزيد من الاهتمام لحلفائها، فإنه يتعين على الصين أن تعرب بوضوح عن مخاوفها للولايات المتحدة.
أعتقد أن الحكومة الصينية قادرة على الاستجابة لمخاوف العالم الخارجي وفي الوقت نفسه تعزيز بناء الطاقة النووية لديها، بحيث يمكن تحسين قدرات الردع النووي لديها والانطباع الجيد لدى العالم الخارجي عن الصين معاً. إن الصين دولة محبة للسلام ومسؤولة، وينبغي أن يعرف العالم أجمع ذلك بشكل كامل. وبسبب حملة التشهير المستمرة التي تقوم بها الولايات المتحدة والغرب، لن تكون مهمة الصين سهلة في ترسيخ صورة إيجابية في العالم.
المصدر – غلوبال تايمز