الملحق الثقافي-سعاد زاهر:
الملتقى رقم «١» في إكسبو الشارقة، السابعة والربع مساء، والجمع الصغير في قاعة لا تتسع سوى للعشرات من محبي الفكر والثقافة، ينتظرون قدوم الكاتب النيجيري وول سوينكا الحائز جائزة نوبل عام ١٩٨٦.
حين دخل القاعة الصغيرة تم الترحيب به بهدوء لننطلق معه في رحلة فكرية غاب الكثير من متعتها لأننا غرقنا في تفاصيل الترجمة،حاولنا في الوقت المخصص أن نفهم عوالم هذا الكاتب المتفرد الذي يرى أن مستقبل إفريقيا يفترض أن تصنعه بمفردها ومن خلال فهم خصوصية القارة الإفريقية بعيداً عن أي تدخلات خارجية.
ما إن انتهت فعالية سوينكا حتى انطلقنا بسرعة مع زميلاتي الإعلاميات نبيلة سنجاق من وكالة الأنباء الجزائرية وفيء ناصر من صحيفة الصباح العراقية، لندخل قاعة الاحتفالات أكبر قاعة في إكسبو الشارقة، حيث تقام فعاليات معرض الكتاب، حشود هائلة تنتظر على أحر من الجمر وصول الفنان العراقي كاظم الساهر.
شعرنا للوهلة الأولى أننا لسنا في المكان ذاته، مابين قاعتين لا يفصل بينهما سوى مسافة قصيرة اختلف وقع المكان ومزاج الحضور،حتى نحن القادمين من قاعة سوينكا، سرعان ما تبدل مزاجنا ونحن نعيش مع هذا الهدير المترقب لحضور
الساهر،ما إن دخل القاعة حتى علت الأصوات بالترحيب والهتاف وهو بكل هدوئه وثقته وتواضعه المعهود أطل ليرد التحية التي اعتادها ولنذهب معه في رحلة مغايرة بدأها بالتذكير بدماء أهل غزة ليخبر الحشد المتفاعل أنه يحضر لأغنية عالمية تدعو إلى ايقاف الحرب في غزة.
بغض النظر عن الشخصيات الحاضرة في الفعاليتين، إلا أننا نكتشف في أمثال هذه الفعاليات الكبرى ذائقة الجمهور الذي بات يميل نحو المشاهير ليأخذ منهم الأفكار والعبر، ليعلو صوتهم حتى في المناسبات الثقافية التي تكون مخصصة لكبار المثقفين، بينما لا نرى العكس أي حضور المثقف في فعاليات فنية.
إنه حضور قائم على الترويج الإعلامي والضخ المستمر الذي بات يقولب الثقافة في أطر تسهل تعاطيها من قبل جمهور كبير لكن بشكل منمط لا يقبل إلا بالقوالب الجاهزة والتي باتت ترى الفلسفة والفكر مجرد قوالب قايلة للإزاحة لتصبح على مقاس التسالي المتنوعة التي نتمسك بها علنا نغفو أكثر.
العدد 1166 – 7-11-2023