ظافر أحمد أحمد:
يتعامل الرأي العام العالمي بتلقائية مع مصطلح الإرهاب كصفة لأشنع الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية، ولكن أعلى درجات التزوبير السياسي للتعامل مع الإرهاب في الأنموذج الأميركي، وبدلالة النتائج فإنّ الحرب الأميركية ضد الإرهاب منذ تفجير برجي التجارة العالميين تسببت بتدمير أفغانستان والعراق والعبث في المستقبل السياسي لكامل المنطقة المحيطة بهما، وبدلا من القضاء على تنظيم القاعدة توضّح أن تنظيم القاعدة اشتد عوده بعد الحرب الأميركية المزعومة عليه فأصبح يفرخ فروعا وتنظيمات لها انتشار عالمي خصوصا في المنطقة التي تقبع تحت مصطلح الشرق الأوسط وكذلك في قارة إفريقيا.
خلطت المنظومة الغربية بصناعة أميركية تشكيلة التصنيفات لتصبح حركات التحرر تدخل ضمن تصنيفات الإرهاب، والأخطر هو تجميل مفهوم الاحتلال ليحمل صفات تخفي حقائقه الإرهابية..، بل في مطارح عديدة تسوّق المنظومة الغربية مفاهيم تجعل من الاحتلالات كأنّها ضرورة لضمان السلام والأمن، كما في أنموذج الاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي لفلسطين فكل حركة تحرر ضده يصنفها الغرب إرهابا ويعطي حق الدفاع عن النفس للمحتل بكل أفعاله الإرهابية وبدلا من وصفه بالاحتلال يصفه بأنّه (درّة المنطقة)!.
كذلك الحال في الاحتلال الأميركي لمناطق الثروات الزراعية والنفطية في سورية، حيث تحرص المنظومة الغربية على إخفاء كل أفعال السرقة والبلطجة والترهيب التي يمارسها الجيش الأميركي ورعايته لكل الانفصاليين والإرهابيين الخاضعين له، وتسوّقه كوجود ضروري ضمن أجندات مكافحة الإرهاب.
ذات المعايير المقلوبة في الصمت الغربي على حقيقة الاحتلال التركي لمناطق في الشرق والشمال السوري، وقد أمعن الاحتلال التركي في الدم السوري ودعم حركات انفصالية وعملاء إرهابيين ينفذون سياسته في التتريك والتغيير الديموغرافي ضمن مناطق احتلاله في ذات الوقت التي تحرص المنظومة الغربية على وصفه بأنّه (وجود تركي في سورية نتيجة متطلبات أمنية تركية)..!.
منظومة الغرب عريقة في تجميل الاحتلالات، فسبق أن جعلتها بصفة (انتداب)، أيام الاستعمارين البريطاني والفرنسي، وجعلته حق تقرير مصير لليهود من متعددي الجنسيات في أنموذج الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وبصفة الضامن لمسيرة الديمقراطية والحريات ومكافحة الإرهاب في أنموذج الاحتلال الأميركي لأفغانستان والعراق والجزيرة السورية.
إنّ تجريد الأبعاد الإرهابية في مصطلح الاحتلال..، يتطلب خطابا فاعلا وممنهجا مضادا للمقولات الغربية وتأكيدا أنّ الاحتلال إرهاب لا يزيد عن ذلك ولا ينقص، والأولوية لحماية الأمن والسلام العالميين مكافحة الاحتلالات بشتى السبل المتاحة لأن مكافحتها تعني بالضرورة مكافحة الإرهاب، خصوصا أنّ الاحتلالات هي الأسبق والأوضح في تصنيع الإرهاب وتصديره.