لم تكن حادثة انهيار مبنى سكني في حي التضامن بدمشق أول الحوادث من هذا النوع من الانهيار، حيث تتوالى حوادث انهيار أبنية في مختلف مناطق المخالفات والسكن العشوائي، وعلى فترات متعاقبة، وفي محافظات مختلفة، والسبب هو عدم صلاحية البناء وتحمله لطوابق أخرى لا تتحمل البنية الإنشائية المخصصة لهكذا أبنية وفي هكذا أحياء عشوائية.
وبالطبع لن تكون حادثة الانهيار هذه هي الأخيرة، طالما تحدث تجاوزات للقانون والتعليمات هنا وهناك، وطالما هناك كثيرون من ضعاف النفوس وتجار الأزمات الذين لم يقف حد الجشع والطمع لديهم على كسب المال دون أذية الآخرين، بل تجاوز هذا الجشع جميع الحدود ليصل الطمع إلى المتاجرة بأرواح البشر، لمزيد من الثراء المادي وبطرق مخالفة قلباً وقالباً.
ومع أن الجهات المعنية تؤكد على التشدد بمنع مخالفات البناء داخل وخارج المخططات التنظيمية، وضرورة المراقبة في منح تراخيص البناء وعمليات التنفيذ في جميع مراحلها، إلا أن واقع التمادي في توسع المخالفات موجود، دون الأخذ بعين الاعتبار الشروط النظامية لإنشاء البناء والتقيد بالتعليمات التي من شأنها أن تضمن السلامة الإنشائية للمباني المحدثة.
فكثيرون من متعهدي البناء يلهثون لمزيد من التجاوزات وارتكاب المخالفات سواء في الأحياء المخالفة أو حتى النظامية، وهناك مخالفات كثيرة حدثت خلال سنوات الأزمة شهدتها مناطق السكن العشوائي، في ضوء عدم المتابعة والتعاون من قبل الجهات المعنية بقمع هذه المخالفات، حيث باتت مناطق المخالفات الملجأ للكثيرين للسكن فيها سواء عن طريق الشراء أو الآجارات والتي تشهد يومياً ارتفاعات متتالية تفوق كل التصورات.
وفي ظل الحاجة الماسة للسكن، حتى مع عدم وجود أدنى الشروط التي يجب توافرها في الأبنية في مناطق كثيرة، ومع غياب الضمائر مقابل المنفعة المادية، يؤكد مشهد البناء العشوائي والتوسع به ضرورة الحذر من انهيارات أبنية سكنية أخرى، ما يتوجب المزيد من المراقبة والمتابعة لهذه المناطق المخالفة.
كما أن التاكيدات على متابعة المخالفات يجب أن لا تكون مجرد قرارات بل مهم أن تعد من الأولويات التي تتطلب التنسيق التام بين مختلف الجهات المعنية من المحافظات والوحدات الإدارية وغيرها، وعدم التهاون، واتخاذ إجراءات رادعة وإنزال العقوبات بحق المخالفين والمسؤولين عنها والمتجاوزين للقوانين والأنظمة النافذة.