في كل مرة يطرح ملف الفساد سواء من قبل الشارع السوري المطالب دائماً بمعالجات جريئة وملموسة أم على طاولة الحكومة غالباً ما يتصدر الفساد المالي الحيز الأكبر من الاهتمام والنقاشات، وهذا طبيعي في ظل اتساع رقعة الفساد وقدرته التخريبية الكبيرة على الاقتصاد والمجتمع ومقدرات الدولة ولا سيما عندما نقارن بين الشكوى الدائمة من الجهات المعنية بضعف وقلة الموارد المالية وحجم المال المنهوب من مؤسسات وإدارات صغيرة ما بالك بالمؤسسات الكبيرة.
غير أن الجميع ينسى أو يتناسى أن خط الفساد المالي السريع يلاحقه أو بات يسير معه بنفس التوازي والسرعة والقدرة على الانتشار والتخريب خط الفساد والترهل الإداري الذي وصل أيضاً لمراحل باتت تنذر بالخطر إذا لم يتم التدخل الفوري للمعالجة درءاً لتزايد فاتورة مكافحته كحال الفساد المالي الذي تم التعامل معه حتى الآن بتواضع أو لنقل بإجراءات لم ترتق لمستوى انتشاره وتأثيره السلبي.
مرد كلامنا وقائع ومشاهدة يومية تنقل جانباً منها وسائل الإعلام عن مسؤولين في مواقع القرار استمروا ولا يزالون في مواقعهم منذ سنوات دون أن يمتلكوا روح المبادرة لتقديم أي رؤى تطويرية أو تحفيزية للفريق العامل معهم كي يعمل الجميع على قلب واحد لخدمة المؤسسة أو الشركة التي يعملون بها، والأكثر سلبية وجود موظفين في مواقع وظيفية أعلى غير قادرين على استخدام صلاحيات واسعة هي من صلب مهامهم ومع ذلك لا يمارسونها ويقتصر تفكير بعضهم على كيفية الحفاظ على بعض المكاسب التي يوفرها منصبهم ليتركوا بذلك مساحة إضافية لعمل الأيادي الفاسدة في المراتب الوظيفية الأخرى كي تتمدد وتستثمر ضعفهم لتحقيق مكاسب شخصية والأخطر عندما يتولون هم مهمة تصدير القرارات المهمة.
من هنا يفترض التعامل بحزم وإجراءات فاعلة مع الفساد المالي والإداري والقرارات المتخذة مؤخراً من قبل الجهات التنفيذية تجاه عدد من المديرين العامين وإقالتهم من مواقعهم لضعف الأداء في مؤسساتهم، أمر ينظر له البعض بإيجابية لا تخلو أيضاً من رسم عشرات الاستفسارات وإشارات الاستفهام عن التقييم الموضوعي المعتمد أو المعايير التي أوصلت صاحب القرار لإلغاء تكليف مدير بحجة ضعف الأداء وأقله هنا تقييم الواقع الراهن للمؤسسة أو الشركة خاصة لجهة النتائج المحققة والأرباح أو الخسائر أو حتى الأداء الإداري المتقدم للعاملين فيها من عدمه.
وغير ذلك سيقرأ البعض الآخر تلك القرارات بأنها غير دقيقة أو ربما انتقامية وبالتالي ستفرغ من جدواها وأهميتها وهذا ما ينطبق أيضاً على القرارات التي اتخذت مؤخراً من الجهات المختصة ووجدها البعض غير مدروسة إذ ألغت تكليف عدد كبير من المديرين العامين في وزارة الصناعة لانتهاء المسار الوظيفي دون أن يكون لدى الجهات المعنية لائحة لأسماء مقترحة بديلة لهم.
بالمحصلة توجد خطوات ملموسة في مكافحة الفساد بشقيه المالي والإداري ولكن الأهم أن تبنى على أسس ومعايير واضحة وأن تستمر.

التالي