ما زال الكيان الصهيوني يلقي حممه على غزة، متجرداً من أبسط معاني الإنسانية، التي حاول خلال خمسة وسبعين عاماً أن يُظهر فيها كيانه ديموقراطياً، يمنح حرية الرأي وحرية الصحافة في سياسة الكيان، حتى أسقطت المقاومة الفلسطينية في السابع من تشرين الأول كل الأوراق والأقنعة التي كان الكيان يتلطى خلفها.
جرائم الحرب الموصوفة التي يمارسها بإجرام غير مسبوق عالمياً فاق بها النازية .. قتل مجاني جماعي وتدمير مع سبق الإصرار، يشهد عليه العالم أجمع. توصيفها جعل طواقم من المحامين الأحرار يقيمون دعاوى ضد الكيان بينهم محامون يهود رفعوا أصواتهم ضد الهمجية العنصرية الصهيونية.
مايمارسه الكيان ضد غزة يبرز كم هو متألم من سقوط الهالة الهشة التي كان يحيط بها صورته، كم تهلهلت قوته ووعود رفاهيته في عيون مستوطنيه الذين أخرجوا جوازات سفرهم التابعة للدول التي قدموا منها للأرض الموعودة، التي حلموا بأصناف الرفاهية فيها..
حرب المقاومة هذه طوفان حقيقي لحماية الأقصى، هي إعصار حقيقي عصف بالكيان الصهيوني.. خسائره غير المعلنة والتي يتكتم عليها، وتنقل الكثير منها شبكة الميادين التي واكبت الأحداث في غزة منذ اللحظات الأولى.. وبشكل مباشر ضمن دائرة الحرب في كل المواقع على كامل الأرض الفلسطينية.. الإحراج الذي أوقعت به شبكة الميادين الكيان الصهيوني، في نقل الحقيقة كما هي والواقع كما هو أثار غضبهم وهو يكشف عوراتهم، ما دعا الكبينت الصهيوني وزارة الحرب المصغرة اتخاذ قرار بحظر شبكة الميادين عن غزة، قرار كان يرتعد وزيرهم وهو يوقعه، ما يؤكد أن المقاومة الإعلامية لها طلقاتها المحكية، ونقلها بالصورة المباشرة آلمَ الكيان في إظهار خيباته.
هذا الحظر هو وسام يُبارك به لشبكة الميادين، وهذا ليس جديداً من قبل الدول الغربية وعلى رأسها أميركا المتوحشة.. كم مرة أنزلت القنوات السورية من الأقمار الصناعية، أيام الحرب على سورية خلال السنوات العشر الحاسمة التي مرت بها.
استهداف تجمع الصحفيين في منطقة جنوب لبنان قبل يومين رغم تصريح اليونيفيل وموافقة الحكومة اللبنانية تسبب بإصابة البعض بسبب المسيرة التي ضربت التجمع بصاروخ تحمله. ما أعطى صورة واضحة للعالم أن الإعلام الحر يؤلم المعتدين والصهاينة الذين يخفون حقائق هزائمهم وخساراتهم وأعداد قتلاهم.
المسيرات المقاومة والصواريخ التي تضرب المستوطنات الصهيونية والمدن الكبرى حيث وصلت تل أبيب والجليل وحيفا، هي فخر الصناعة الفلسطينية المحلية بينما ما تُضرب به غزة هو من أعتى أسلحة الدمار الشامل والمحرمة دولياً والتي نقلتها البوارج الأميركية لدعم قوات الكيان، علها تعطي المستوطنين جرعة تماسك تظهر أن الكيان ما زال قادراً على حمايتهم، بينما الواقع غير ذلك تماماً.
الشوارع العالمية والعربية تغص بالرافضين لما يقوم به الكيان الصهيوني من حرب عنصرية وتطهير بشري.. للقضاء على القضية الفلسطينية بظنه.. إلا أن ما يفعله أحيا القضية الفلسطينية لتصبح رقم واحد على كل طاولات السياسة العالمية. ما جعل العالم أجمع يقر بأحقية الفلسطينيين في الدفاع عن وجودهم على أرضهم التاريخية.
كل الأناشيد والأغنيات التي أُلفت لأجل غزة وفلسطين في العالم ودول أميركا اللاتينية أصبحت اليوم أنغاماً يرددها الكبار والصغار، وتُطبع في ذواكرهم بديلاً عن كل الألحان التي كان يتداولها الشباب.
هي قيثارة فلسطينية تحيي القضية، حتى أصبحت السردية التي يتساءل عنها الأطفال في أصل القضية محط أحاديثهم وأسئلتهم لذويهم وأساتذتهم.. لذا لا بد من سرد الحقائق كما هي، وتبيان أن معظم من قادوا هذا الكيان الغاصب دخلوا دولة فلسطين بطلبات قدّموها للدولة الفلسطينية للعمل في البلديات عمالاً للتنظيفات والموافقة عليها ممهورة بخاتم دولة فلسطين وصور هذه البيانات خير شاهد على أنهم على أرض لايمتون لها بأي صلة.
طمس الحقائق ماعاد مجدياً أمام الصمود الأسطوري، لشعب نذر موته طلباً لحياة كريمة يهبها لمن يبقى منه. طوبى لشعب يكتب حريته بدمه رغم صمت العالم وعيون مفتوحة لكنها من حديد.. وأفواه مكممة بقرار صهيوأميركي. في نسيان أن المرء موقف يسجله التاريخ، وتتوارثه الأجيال. فإما حياة تسر الصديق
وإما ممات يغيظ العدا.

التالي