فؤاد دبور – كاتب أردني:
مثلت الحركة التصحيحية التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد في السادس عشر من تشرين الثاني عام 1970م حركة تغيير وتطوير شملت مجالات الحياة ومكونات الوجود الوطني والقومي، رسخت مبادئ الوحدة الوطنية والقومية، مثلما أولت الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية والعسكرية اهتماماً خاصاً، لا سيما وأنها انبثقت من مسيرة نضالية لحزب البعث العربي الاشتراكي، وارتكزت على قيادة واعية ومخلصة للوطن والأمة قادها قائد جماهيري مبدع، الرئيس حافظ الأسد رحمه الله.
انتهجت الحركة سياسة فعالة عالجت من خلالها وعبرها الواقع القائم ونقلته نحو التطوير والبناء بوعي وإدراك وفهم لهذا الواقع وللظروف القائمة، ما جعلها تنجح في نقلة نوعية نحو ما يخدم الشعب والوطن والأمة العربية، استندت إلى فكر البعث ومبادئه وعقيدته القومية، أنجزت الوحدة الوطنية في سورية، وضعت أساس قيام الجبهة الوطنية التقدمية، ووضع دستور جديد ديمقراطي للبلاد، مثلما وضعت أسس التنمية الشاملة اعتماداً على الإنسان بوعيه وثقافته ومهاراته وصقلها وفقاً لبرامج إعداد تستند إلى العلم والمعرفة كما أولت اهتماماً خاصاً بالمؤسسة العسكرية بناء ووعياً وتدريباً وتسليحاً وتهيئة متقدمة لمواجهة أعداء سورية، أعداء الأمة العربية، وبخاصة العدو الصهيوني الغاصب للأرض العربية الطامع في أرضها وثرواتها والإجهاز على وحدتها واستقلال أقطارها ومعه الشريك الأمريكي، ومن أجل هذه المواجهة عملت جاهدة لبناء عمل عربي وتضامن عربي تبلور على أرض الواقع في حرب تشرين التحريرية في السادس من شهر تشرين الأول عام 1973م.
وهذا ما ظهرت نتائجه جلية وواضحة في مواجهة العدوان الدولي غير المسبوق على القطر العربي السوري، حيث أظهر الجيش العربي قدرته على المواجهة والصمود وتحقيق الانتصار تلو الآخر على طريق إنجاز النصر النهائي وتحرير سورية كل سورية من العصابات الإرهابية وجيوش الاحتلال لأرض سورية صهيونية كانت أم تركية أم أمريكية أم غيرها من قوى الاستعمار.
نؤكد ومن خلال مسار الواقع للحركة على اعتبار المصلحة القومية هي العليا والمحرك الأساسي للسياسة التي انتهجتها سورية حزباً وقائداً وقيادة للحزب، حزب البعث العربي الاشتراكي الذي طالما اعتبر الوحدة العربية الهدف الأول مع أهدافه الأخرى، الحرية، والاشتراكية.
ونحن اليوم إذ نقف أمام ذكرى الحركة في ظل أوضاع عربية صعبة ومعقدة بل وخطيرة في ظل مجريات الأحداث الدموية التي تصيب شعبنا العربي الفلسطيني بعامة وقطاع غزة بخاصة، فنحن أحوج إلى مبادئها وحنكة وشجاعة قيادتها ممثلة بالرئيس بشار الأسد، خاصة وأن القطر العربي السوري واجه بشجاعة منقطعة النظير عدواناً كونياً شرساً يستهدف الدولة السورية أرضاً وشعباً وجيشاً ومقدرات ومؤسسات مدنية وخدمية ورغم شراسة العدوان وحجم العصابات الإرهابية والداعمين لها مالياً وعسكرياً وسياسياً فإن شعب سورية وجيشه وقيادته يصمد في هذه المواجهة ويتم تحقيق الانتصارات والحفاظ على وحدة الأرض والشعب، وهذا الصمود ما هو إلا نتاج حقيقي لما أنجزته الحركة التصحيحية.
نهيب برفاقنا البعثيين أينما وجدوا في أقطار الوطن العربي التمسك بمبادئ البعث وفكره القومي وإرادته وعقيدته النضالية، فالبعث بفكره وعقيدته يشكل القاعدة الأساسية لإخراج الأمة العربية من أزماتها ويعطيها القدرة على مواجهة الأخطار المحدقة بها خاصة في مواجهة التحديات والعدوان الذي يمثله الكيان الصهيوني والشريك الأمريكي الذي طالما استهدف سورية عبر دعم العدوان الصهيوني بل والتهديد المباشر واحتلال منابع النفط وسرقته، ويرتقي بهذه القدرة نحو المستقبل الذي نعمل جميعاً من أجل أجيال الأمة القائمة والقادمة، وإلى الأمام بوحدة الشعب والجيش وشجاعة وحنكة القائد والقيادة ووحدة البعثيين المخلصين لمبادئهم وأمتهم، وبالتنسيق والتعاون مع أطراف المقاومة كافة وأحرار أمة العرب لمواجهة الأعداء.
* أمين عام حزب البعث العربي الديمقراطي في الأردن – تحت التأسيس