الثورة – ترجمة ختام أحمد:
فشلت الحكومات في إدانة الحرب الإسرائيلية والعقاب الجماعي للسكان المدنيين في غزة، وكشفت الحرب عن مدى الإفلاس الأخلاقي غير المتوقع من جانب مؤسسات الاتحاد الأوروبي وكل بلدانه الأعضاء تقريباً.
شملت السنوات العشرين الأخيرة من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الانتفاضة الثانية، والاعتداءات الإسرائيلية المدمرة على غزة والتي أسفرت عن خسائر فادحة في صفوف المدنيين الفلسطينيين، وآلاف من عمليات هدم المنازل، والضم الزاحف من خلال نمو المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية. وتخضع غزة أيضاً لحصار قاس منذ عام 2007.
إن الخطاب السياسي للاتحاد الأوروبي كان ومازال يميل ويتكيف مع السرد الإسرائيلي اليميني المتطرف بشكل متزايد مع إسكات المعارضة والآراء المخالفة أو انتقادها بشدة من قبل وسائل الإعلام الرئيسية. وعلى مدى نحو العقدين الماضيين من السلبية الأوروبية تجاه جذور الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، واستمرار عزوفهم عن التعامل مع قضية الاحتلال الإسرائيلي،
كان على الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن ينهض الأوروبيين من سباتهم المذنب بتذكيرهم هذا الأسبوع بأن “هجمات الفلسطينيين لم تحدث من فراغ”. وقال: “لقد تعرض الشعب الفلسطيني لـ 56 عاماً من الاحتلال الخانق، لقد رأوا أراضيهم وهي تلتهمها المستوطنات بشكل مطرد وتعاني من العنف، خنق اقتصادهم، وتهجير أهلها وهدم منازلهم، لقد تلاشت آمالهم في التوصل إلى حل سياسي لمحنتهم”،
وبسبب هذه الكلمات المنطقية، طالبت “إسرائيل” باستقالة غوتيريش، وفي الوقت نفسه سافر موكب من الزعماء الأوروبيين إلى “إسرائيل” للتعبير عن تضامنهم بما في ذلك رؤساء المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي، والمستشار الألماني،والرئيس الفرنسي، ورئيس الوزراء البريطاني، ورئيس الوزراء الإيطالي. ولكننا لم نشهد موكباً مماثلاً من الزيارات إلى رام الله مع استمرار تساقط القنابل الإسرائيلية على غزة.
“على المقياس الأخلاقي الأوروبي، يُصنف الألم الإسرائيلي في مرتبة أعلى من الألم الفلسطيني، ويبدو أن لا شيء سيغير ذلك”، ويتلخص الموقف الأوروبي في أن الفلسطينيين ارتكبوا عملاً إرهابياً غير مبرر، في حين تمارس “إسرائيل” حقها المشروع في الدفاع عن النفس”.
ومع ذلك، فإن حق “إسرائيل” في الدفاع عن النفس يجب أن يوضع في سياق دورها كقوة احتلال لأكثر من خمسة عقود، قامت خلالها بمضايقة وإذلال وقتل عدد لا يحصى من الفلسطينيين، هذه هي النقطة التي كان غوتيريش يحاول إيصالها في ملاحظته التي تعرضت لانتقادات شديدة، خاصة لما يسمى بالديمقراطيات الغربية وأبطال النظام العالمي القائم على هذه الديمقراطيات المزيفة.
واليوم التزم الزعماء الأوروبيون الصمت وسط القصف الإسرائيلي غير المتناسب لغزة، في حين تغاضوا ضمناً عن اللغة القاتلة التي يستخدمها المسؤولون الإسرائيليون ـ بما في ذلك الرئيس إسحق هرتزوغ الذي قال: إنه لا يوجد مدنيون أبرياء في غزة، وقال: “إن الفلسطينيين كلهم أمة واحدة وجميعهم مسؤولون”، مبرراً ضمنياً عقابهم الجماعي، ومن المثير للغضب بنفس القدر أن يلتزم الزعماء الأوروبيون الصمت إزاء كلمات هرتزوغ.
وبعد مقتل 1400 إسرائيلي في هجوم 7 /تشرين الأول، تم رفع العلم الإسرائيلي على واجهات المباني الأوروبية كإظهار مشروع للتضامن معهم، و على الرغم من المذابح المستمرة للفلسطينيين، والتي قُتل فيها أكثر من 8000 فلسطيني حتى الآن، لم نشهد أي لافتات رسمية مماثلة.
وبطبيعة الحال، يتم رفع الآلاف من الأعلام الفلسطينية من قبل المواطنين الأوروبيين، دون أن يتم تغطيتها إلى حد كبير من قبل وسائل الإعلام الرئيسية، في جميع أنحاء العواصم الأوروبية. إن الناس يفعلون ما لا تفعله حكوماتهم: إدانة الانتقام الإسرائيلي غير المتناسب والعقاب الجماعي لسكان غزة الفلسطينيين من خلال القصف العشوائي وقطع إمدادات المياه والكهرباء والوقود والغذاء.
لقد تمكنت جميع المؤسسات الأوروبية، وسط ضغوط شعبية شديدة، من توجيه نصائح لطيفة لإسرائيل للالتزام بالقانون الدولي. وهذا قليل للغاية، ومتأخر للغاية، ومنافق للغاية.
المصدر – ميدل إيست آي
