الجفاف يضرب سوريا .. نداء وطني لإنقاذ الزراعة والأمن الغذائي

الثورة – جهاد اصطيف:

في مشهد غير مألوف منذ عقود، تتعرض سوريا لجفاف غير مسبوق يهدد مستقبل الزراعة ويهدد الأمن الغذائي لأكثر من 16 مليون مواطن، مساحات واسعة من الأراضي الزراعية تحولت إلى أراضٍ قاحلة، فيما تكابد الأسر الريفية صراعا يوميا من أجل البقاء .


تراجع خطير في إنتاج القمح

ووفق تقرير حديث لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، فإن موسم الزراعة الحالي في سوريا هو الأسوأ منذ ستين عاما، حيث دمر نحو 95% من القمح البعلي نتيجة قلة الأمطار، مما أحدث فجوة قمح تقدر بـ 2.7 مليون طن .
وقالت هيا أبو عساف، مساعدة ممثلة ” الفاو ” في سوريا : العوامل المناخية القاسية تضرب الزراعة في الصميم، ولا خيار أمامنا إلا التحرك العاجل لمنع انهيار كامل في الإنتاج المحلي .

حلب نموذجاً للخطر المحدق

ففي محافظة حلب، يشكل الجفاف تهديدا مضاعفا بسبب الاعتماد الكبير على الزراعة البعلية، ولعل تأثر بعدة طرق، أبرزها تدهور الأوضاع الزراعية، ونقص المياه، وتأثيره على الأمن الغذائي وسبل العيش للسكان، وبحسب التقديرات، تسبب في خسائر كبيرة للمحاصيل الزراعية، خاصة القمح والشعير، الأمر الذي أثر على دخل المزارعين وزاد من أعبائهم المالية، و أدى إلى انخفاض منسوب المياه في الأنهار والآبار، وكذلك إمدادات المياه الصالحة للشرب والاستخدامات الأخرى، دون أن نغفل عن أن نقص المياه وتدهور الأوضاع الزراعية يؤدي أيضا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ويضعف الأمن الغذائي ويزيد من صعوبة حصول السكان على احتياجاتهم الأساسية، ليس ذلك فحسب، بل في بعض الحالات، قد يدفع الجفاف السكان إلى الهجرة من المناطق الريفية إلى المدن بحثا عن مصادر بديلة للمياه والغذاء، أمام تفاقم مشكلة التلوث، الأمر الذي يزيد من خطر انتشار الأوبئة والأمراض، فضلا عن التنافس على الموارد المائية المحدودة التي تؤدي إلى تفاقم الصراعات بين السكان .

الاستيراد لتعويض النقص

وفي ظل هذه الأزمة، لجأت الحكومة  إلى توقيع عقود استيراد للقمح من دول صديقة، في محاولة لسد الفجوة حتى نهاية الموسم، وقد وصلت بالفعل شحنات من روسيا والعراق إلى مرافئ اللاذقية وطرطوس، وسط تأكيدات من المؤسسة العامة للحبوب عن نيتها شراء ما بين 250 إلى 300 ألف طن من القمح المحلي، مع توقعات إنتاج لا تتجاوز 350 ألف طن فقط هذا العام .

اجراءات حكومية ودعوات للدعم

وفي تصريح سابق، أكد مدير عام الهيئة العامة للموارد المائية، المهندس أحمد الكوان، أن الجفاف الحالي يهدد الزراعة والمياه والثروة الحيوانية في آنٍ واحد . وأوضح أن الوزارة تعمل على خطة وطنية لترشيد استخدام المياه، تتضمن، التحول إلى أنظمة الري الحديثة بدلا من التقليدية، ومعالجة مياه الصرف الصحي والصناعي لاستخدامها في الزراعة، و تقنين الحفر العشوائي للآبار، والذي بات يهدد الخزان الجوفي في العديد من المحافظات، و التوعية المجتمعية حول الاستخدام المستدام للمياه .
وبهدف دعم المزارعين، أصدرت الحكومة قرارا يمنح مكافأة مالية تضاف إلى السعر الرسمي لشراء القمح، ليصل إلى نحو 450 دولاراً للطن في بعض الحالات، إلا أن هذا الإجراء، كما يرى بعض الفلاحين، غير كاف ما لم يقرن بخطوات واقعية تشمل على، توفير القروض الزراعية الميسرة، وتأمين الحبوب الهجينة ومستلزمات الزراعة، وتقديم الدعم الفني واللوجستي لحفر الآبار بشكل منظم، وتعزيز الإرشاد الزراعي والهندسي للمزارعين في المناطق المتضررة .

خطر يمتد إلى ما بعد الزراعة

هنا، لا تقف آثار الجفاف عند حدود المحاصيل، بل تمتد إلى الثروة الحيوانية التي بدأت تعاني من نقص الأعلاف وغياب المراعي الطبيعية، مع ارتفاع معدلات الأمراض النباتية والحيوانية، وتراجع إنتاج الألبان واللحوم .
كما حذر المهندس الكوان من تأثير مباشر على مياه الشرب ونصيب الفرد منها، مع احتمالات زيادة معدلات الهجرة من الأرياف إلى المدن، ما سيزيد الضغط على البنية التحتية ويؤثر على نوعية الحياة ومستوى المعيشة .

نداء إلى الجهات المعنية

يطلق الفلاحون، والمعنيون، نداء مشتركا للحكومة، لاعتبار الجفاف الحالي أزمة وطنية شاملة، تتطلب خطة طوارئ حقيقية، وتدخلا تنمويا مستداما، و تحسين إدارة الموارد المائية، وتطوير مصادر بديلة للمياه، وزيادة الوعي بأهمية الحفاظ على المياه، وتوفير الدعم المالي والفني للمزارعين لمساعدتهم على التكيف مع ظروف الجفاف، و تشجيع السكان على تنويع مصادر دخلهم وتقليل الاعتماد على الزراعة فقط، و الاستثمار في تحسين البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، والتوعية بأهمية الحفاظ على البيئة وتغير المناخ وتأثيرهما على الموارد المائية .

ووسط هذه التحديات، يرفع الفلاحون والفعاليات الزراعية نداء إلى الحكومة لإعلان الجفاف كأزمة وطنية شاملة تتطلب : تدخل عاجل بخطط تنموية، و دعم مالي وفني مستمر، و إنشاء صناديق طوارئ زراعية، و تشجيع مشاريع تحلية المياه، و دعم البحث العلمي الزراعي والمناخي .
إنها لحظة فاصلة، الطبيعة تغيرت، ويجب أن تتغير سياساتنا معها .. وإلا فإن الأمن الغذائي في خطر حقيقي .

آخر الأخبار
صندوق التنمية.. أفق جديد لبناء الإنسان والمكان "صندوق التنمية السوري"..  أمل يتجدد المجتمع المحلي في ازرع يقدم  350 مليون ليرة  لـ "أبشري حوران" صندوق التنمية يوحد المشاريع الصغيرة والكبيرة في ختام المعرض.. أجنحة توثق المشاركة وفرص عمل للشباب مدينة ألعاب الأطفال.. جو مفعم بالسعادة والرضا في المعرض في "دمشق الدولي".. منصات مجتمعية تنير التنمية وتمكن المجتمع كيف يستخدم شي جين بينغ العرض العسكري لتعزيز موقع الصين ؟ من بوابة السيطرة على البحار.. تركيا تصنّع حاملة طائرات تتجاوز "شارل ديغول" التداول المزدوج للعملة.. فرصة لإعادة الثقة أم بوابة للمضاربات؟! مواطنون من ريف دمشق: صندوق التنمية سيكون سيادياً سورياً الوزراء العرب في القاهرة: فلسطين أولاً.. واستقرار سوريا ضرورة استراتيجية عربية أهالٍ من درعا: إطلاق "صندوق التنمية السوري"  فرصة لإعادة الإعمار "صندوق التنمية السوري".. خطوة نحو الاستقرار الاقتصادي والسياسي الأمم المتحدة تؤكد أن لا حل في المنطقة إلا بقيام دولة فلسطينية "التقانة الحيوية".. من المختبر إلى الحياة في "دمشق الدولي" تقنية سورية تفضح ما لا يُرى في الغذاء والدواء انعكاس إلغاء قانون قيصر على التحولات السياسية والحقائق على الأرض في سوريا حاكم "المركزي": دعم صندوق التنمية السوري معرض دمشق الدولي.. آفاق جديدة للمصدّرين