الثورة – منذر عيد:
يعتبر إطلاق “صندوق التنمية السوري” أبعد من حدث اقتصادي، ليمثل خطوة استراتيجية تهدف إلى إعادة التوازن الاقتصادي في سوريا، كأداة وطنية جديدة لا تقتصر على التمويل التقليدي، بل تسعى إلى تحفيز الاستثمار المحلي وتعزيز دور المواطن كشريك فعال في مسارات التنمية وإعادة الإعمار.
من المؤكد أن المبادرة تمثل تحولاً نوعياً في كيفية تعامل الحكومة مع التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد، حيث تسعى إلى بناء نموذج اقتصادي يعتمد على الذات ويعزز من قدرة المجتمع على تجاوز الأزمات، الأمر الذي يجعل من إطلاق الصندوق خطوة استراتيجية تعكس البعد السياسي العميق في سياق إعادة الإعمار والتنمية في سوريا، إذ لا يهدف فقط إلى معالجة الأضرار الاقتصادية الناتجة عن سنوات الحرب، بل يسعى أيضاً إلى تعزيز الاستقرار السياسي والاجتماعي، من خلال توفير الدعم المالي للمشاريع التنموية، بما يسهم في خلق فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة، مما يعزز من سياسة الحكومة ويعيد بناء الثقة بين المواطنين والدولة.
في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها البلاد، فإن إطلاق الصندوق يعد بمثابة رسالة قوية للمجتمع الدولي بأن سوريا تسعى إلى إعادة بناء نفسها بشكل مستقل، مع التركيز على التنمية الشاملة والمستدامة، وبالتالي فإن الصندوق لا يمثل فقط أداة اقتصادية، بل هو أيضاً رمز للأمل والتغيير السياسي الذي يسعى السوريون لتحقيقه في مرحلة ما بعد سقوط النظام السابق.
إن مفهوم الشراكة مع المواطن هو أحد المحاور الأساسية التي يقوم عليها صندوق التنمية، فبدلاً من أن يكون المواطن مجرد مستفيد من المشاريع التنموية، يعتبر شريكاً رئيسياً في صناعة المستقبل، هذا التغيير في المجمل يعزز من روح المبادرة ويشجع على الابتكار، مما يسهم في بناء مجتمع أكثر تفاعلاً وقدرة على مواجهة التحديات.
في ظل الظروف الداخلية الصعبة والضغوط الاقتصادية الخارجية، يمثل تأسيس صندوق التنمية رسالة سياسية واضحة تعبر عن إرادة سوريا في الاعتماد على مواردها وكفاءاتها الذاتية، كما يعكس التزام الحكومة بتشجيع المبادرات الأهلية ورؤوس الأموال الوطنية، مما يفتح المجال أمام القطاع الخاص للعب دور أكبر في عملية التنمية.
إن انطلاق الصندوق يعد بمثابة نقطة تحول في مسار الاقتصاد السوري، حيث يسعى إلى خلق بيئة استثمارية محفزة تدعم النمو المستدام وتحقق العدالة الاجتماعية، من خلال تعزيز الشراكة بين الحكومة والمواطنين، وعليه يمكن للصندوق أن يسهم في بناء مستقبل أفضل لسوريا، مستقبل يعتمد على القدرات الذاتية ويعزز التلاحم الاجتماعي والاقتصادي.