الثورة- منهل إبراهيم:
أثارت تعهدات فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا وبلجيكا، بالاعتراف رسمياً بدولة فلسطينية عندما يجتمع زعماء العالم هذا الشهر في مقر الأمم المتحدة في نيويورك غضب حكومة الاحتلال الاسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو.
وتقول هذه الدول: إن التحرك الدبلوماسي يهدف إلى الضغط على إسرائيل لإنهاء حربها على غزة، والحد من بناء مستوطنات يهودية جديدة في الضفة الغربية المحتلة وإعادة الالتزام بعملية سلام مع الفلسطينيين.
وتؤكد شبكة الأخبار الأميركية “سي إن إن” أن التحرك الأوروبي والتصريحات الأخيرة لقياداته للاعتراف بدولة فلسطين تزيد من عزلة الولايات المتحدة عن بعض أقرب حلفائها فيما يتعلق بقضية إسرائيل وكيفية إدارتها لحملتها العسكرية وقيودها على المساعدات لغزة.
ويسعى الفلسطينيون منذ عقود لإقامة دولة في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية وقطاع غزة، ويستنكر المسؤولون الإسرائيليون تعهدات الاعتراف بدولة فلسطينية ويقولون: إنها لا تُغير الواقع على الأرض، وتسعى الآن لاحتلال غزة، وضم أراض واسعة من الضفة الغربية ووضعها تحت سيطرتها، لقتل أي فكرة في إقامة دولة فلسطين المزمع الاعتراف بها في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ويقول وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي لنظيره الفرنسي: إن “إسرائيل” ترفض زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لها ما لم يتراجع عن نيته الاعتراف بدولة فلسطين، كما شنت “إسرائيل” حرباً إعلامية ضد تصريحات نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية تيريزا ريبيرا التي وصفت الحرب في غزة بأنها “إبادة”، متهمة إياها بأنها “ناطقة باسم دعاية حماس”.
ولطالما قالت الولايات المتحدة الأميركية، وهي الحليف الرئيسي لإسرائيل: إنها تنوي الاعتراف بدولة فلسطينية في نهاية المطاف، لكنها لن تفعل ذلك إلا في ختام مفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل حول “حل الدولتين” عن طريق الاتفاق.
وقد شهد مؤتمر “حل الدولتين” الذي انطلق في نيويورك شهر تموز المنصرم، برئاسة سعودية فرنسية، اتخاذ “خطوات ملموسة” و”مرتبطة بإطار زمني ولا رجعة فيها” من أجل تسوية قضية فلسطين، وشهد أيضاً تجديد فرنسا لالتزامها بالاعتراف بدولة فلسطينية في أيلول، كما أعلنت بريطانيا في يومه الثاني نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية في أيلول.
وشهد المؤتمر أيضاً توافقاً دولياً على أن حل الدولتين هو المسار الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق السلام بالمنطقة، وأن قيام دولة فلسطينية هو مفتاح هذا السلام.
وصدرت الوثيقة الختامية للمؤتمر تحت اسم “إعلان نيويورك”، باتفاق على “اتخاذ إجراءات جماعية لإنهاء الحرب في قطاع غزة، وتحقيق تسوية عادلة وسلمية ودائمة للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، استناداً إلى تنفيذ حل الدولتين، وبناء مستقبل أفضل للفلسطينيين”.
ويؤكد “إعلان نيويورك” أن تطبيق حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتلبية تطلعات الفلسطينيين، وأشار إلى أن التطورات الأخيرة أبرزت، مرة أخرى وبشكل أوضح من أي وقت مضى “الكلفة البشرية المروعة والتداعيات الخطيرة على السلم والأمن الإقليمي والدولي الناجمة عن استمرار الصراع”.
وتؤكد الدول العربية وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ضرورة إنهاء الصراع في فلسطين، وتدعو المجتمع الدولي والدول المحبة للسلام، لاتخاذ الخطوات الجادة لتنفيذ القرارات الدولية التي تؤكد على الحق الأصيل للشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وتؤكد الأمم المتحدة بلسان أمينها العام أنطونيو غوتيرش أن الفلسطينيين”يحرمون من حقوقهم ويضطرون للحياة تحت ظلم مستمر، كما يُطردون من أرضهم”، وقالها غوتيرش في مؤتمر “حل الدولتين”: “إن الدولة الفلسطينية حق وليست مكافأة”.
وأعلنت منظمة التحرير الفلسطينية استقلال الدولة الفلسطينية في عام 1988، وسرعان ما اعترفت بها معظم دول الجنوب العالمي. واليوم، تعترف 147 دولة من أصل 193 دولة عضوة في الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية، وكانت المكسيك أحدث دولة تعلن اعترافها بالدولة الفلسطينية وذلك في كانون الثاني 2025.
لا شك أن إنهاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية معترف بها عالمياً هو السبيل الوحيد لتحقيق التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني، وفقاً للقانون الدولي، وإنهاء العنف والإرهاب الإسرائيلي بجميع أشكاله، ووقف حمام الدم والجوع والخوف في عموم فلسطين، وضمان أمن المنطقة، وتحقيق السلام لجميع شعوبها.