صندوق التنمية يوحد المشاريع الصغيرة والكبيرة

الثورة  – علا محمد:

صوتٌ واحد يعلو في أروقة الاقتصاد السوري بعد سنوات من الركود والتحديات، هناك أفقٌ جديد يُرسم، و وعدٌ بإعادة بناء اقتصاد متكامل يربط بين المشاريع الصغيرة والمبادرات الكبرى.

هذا الأفق يُجسده “صندوق التنمية السوري” الذي يسعى لأن يكون أكثر من مجرد أداة تمويل، بل منصة سيادية توفر رؤية متوازنة للتنمية، بحسب ما أوضح الدكتور حسن حزوري، أستاذ العلوم الاقتصادية في جامعة حلب، في حديثه لصحيفة الثورة، وبين تحليل الفرص والتحديات، وبين دور الصندوق في القطاعات الإنتاجية والخدمية، تتضح صورة استراتيجية تهدف إلى إعادة الحياة لسوق العمل وتعزيز الثقة بالاقتصاد المحلي.

 

جوهر الصندوق

وأشار د. حزوري إلى أن خدمات البنية الأساسية، مثل الكهرباء والماء والطرق والاتصالات، تُخفض كلفة الإنتاج والمخاطر اللوجستية فوراً، ما يسمح للزراعة والصناعة بالتنفس سريعاً، وأضاف أن الصندوق يجب أن يتعامل مع هذه الخدمات كـ “عنق الزجاجة” الأول، قبل الانتقال لدعم القطاعات الإنتاجية، موضحاً أن التدخل الموجه عبر أدوات تمويل ذكية، بما في ذلك ضمانات القروض والمنح المطابقة والقروض الميسرة المشروطة بمؤشرات أداء، يزيد الإنتاجية ويُولد عملة صعبة من التصدير، وخلص إلى أن الجمع بين الإصلاحات الخدمية والتمويل الإنتاجي تحت مظلة واحدة هو جوهر استراتيجية الصندوق.

 

إعادة البناء الاقتصادي

وبحسب قوله، يسعى الصندوق إلى تطبيق نهج سلاسل القيمة، عبر اختيار سلاسل محددة مثل القمح، طحين، خبز، الأدوية الأساسية، ومواد البناء، ومعالجة نقاط الاختناق فيها من الحقل إلى المعمل وصولاً إلى الأسواق، وأوضح أن توفير نافذة عملات أجنبية لمكونات الإنتاج، إلى جانب التمويل المركب الذي يمزج منحاً وتبرعات وقروضاً ميسرة وضمانات ائتمان وشراكات استثمار مباشر “PPPs” للمشاريع الكبيرة، يعد جزءاً أساسياً من هذه الاستراتيجية، مشيراً كذلك إلى أهمية المشتريات الحكومية الذكية، من خلال عقود شراء مسبقة من المصانع والمزارعين وفق معايير جودة وتسليم، لتقليل مخاطر الطلب وتحفيز الاستثمار الخاص، فيما تسهم الحوكمة والامتثال في توحيد المعايير من مناقصات، شفافية بيانات، تدقيق خارجي، لتعزيز ثقة المانحين والمستثمرين.

 

أسرع محرك للتوظيف

وبيّن د. حزوري أن الصندوق يعطي أولوية للبنية الأساسية قصيرة الأجل ذات أثر تشغيلي سريع، مثل شبكات الكهرباء والمياه وصيانة الطرق الحرجية، مضيفاً: إن الزراعة الغذائية الأساسية، مواد البناء المحلية، الأدوية الأساسية، وتعزيز الاتصالات والمدفوعات الرقمية تأتي في صدارة الأولويات لتسهيل التجارة والضرائب والمدفوعات الزراعية، مؤكداً أن الصندوق قادر على جذب الاستثمارات إذا تم توفير أدوات واضحة لتقاسم المخاطر، بما يشمل ضمانات قروض جزئية (50–70%) للمصارف تجاه المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وصندوق مشاركات للمشاريع الصناعية المتوسطة مع عقود واضحة وإطار تعرفة شفاف.

ومن وجهة نظر د.حزوري، فإن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تمثل أسرع محرك للتوظيف، يمكن دعمها عبر قروض ميسّرة محددة السقوف مع آجال 2–5 سنوات، ومنح مطابقة للاستثمار الإنتاجي بنسبة 20–40% مقابل تحقيق مؤشرات محددة، إلى جانب برامج ضمان المخاطر وتوحيد إجراءات الائتمان المصرفي المبسّطة، وأضاف أن تطوير حاضنات صناعية وزراعية ومناطق خدمية مشتركة كالمختبرات والمخازن المبردة بالإضافة لصيانة الآلات سيؤدي إلى خلق وظائف محلية وزيادة مرونة الاقتصاد وتوسيع القاعدة الضريبية لاحقاً.

وأوضح د. حزوري أن الصندوق سيعتمد هيكل نوافذ منفصلة، نافذة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة بإجراءات سريعة ومتطلبات ضمان مبسطة، ونافذة للمشاريع الكبرى الوطنية بحوكمة مشددة وتمويل مركب، وبيّن أن الربط بين هذه النوافذ يهدف إلى توطين سلاسل توريد محلية للمشاريع الكبرى عبر منح ومشتريات موجّهة لـSMEs.

 

المخاطر وإدارتها

مخاطرٌ محتملة نوه إليها د. حزوري خلال حديثه، مثل البيروقراطية وبطء القرار، والفساد وضعف الرقابة، وانحراف الأهداف، ومخاطر صرف العملات، وأوضح أن تلافيها ممكن عبر لوائح مشتريات مبسطة، مهل قصوى للبتّ، ونشر لوحة متابعة شهرية، وتدقيق خارجي سنوي، بالإضافة لسياسات تضارب مصالح، مجلس أمناء مستقل، ونافذة FX منفصلة للعقود.

 

أما قياس نجاح الصندوق، فقد أكد أنه سيتم عبر سلّة مؤشرات واضحة وعلنية، مؤشرات ناتج وتشغيل، مثل زيادة القيمة المضافة في الزراعة والصناعة، صافي الوظائف المستحدثة، وحصة الصادرات، ومؤشرات خدمية مثل ساعات تغذية كهربائية مضافة، نسبة الفاقد، الكيلومترات المرممة، ومؤشرات وصول تمويلي، كذلك عدد SMEs المموّلة ومتوسط كلفة التمويل، مؤشرات معيشية محلية وأسعار السلع الأساسية، زمن وصول المياه، كلفة النقل على الأسر، بالإضافة إلى حوكمة وثقة تشمل انتظام نشر التقارير، نتائج التدقيق، وحجم الاستثمارات الخاصة المحفَّزة لكل دولار من أموال الصندوق.
مع إطلاق الصندوق، ترسم سوريا ملامح مرحلة جديدة من التنمية المتكاملة، إذ الجمع بين المشاريع الصغيرة والكبيرة ليس خياراً بل استراتيجية، ويظل الهدف الأسمى تحويل كل دعم مالي إلى فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة، وتحقيق ثقة المواطنين والمستثمرين على حد سواء.

آخر الأخبار
صندوق التنمية.. أفق جديد لبناء الإنسان والمكان "صندوق التنمية السوري"..  أمل يتجدد المجتمع المحلي في ازرع يقدم  350 مليون ليرة  لـ "أبشري حوران" صندوق التنمية يوحد المشاريع الصغيرة والكبيرة في ختام المعرض.. أجنحة توثق المشاركة وفرص عمل للشباب مدينة ألعاب الأطفال.. جو مفعم بالسعادة والرضا في المعرض في "دمشق الدولي".. منصات مجتمعية تنير التنمية وتمكن المجتمع كيف يستخدم شي جين بينغ العرض العسكري لتعزيز موقع الصين ؟ من بوابة السيطرة على البحار.. تركيا تصنّع حاملة طائرات تتجاوز "شارل ديغول" التداول المزدوج للعملة.. فرصة لإعادة الثقة أم بوابة للمضاربات؟! مواطنون من ريف دمشق: صندوق التنمية سيكون سيادياً سورياً الوزراء العرب في القاهرة: فلسطين أولاً.. واستقرار سوريا ضرورة استراتيجية عربية أهالٍ من درعا: إطلاق "صندوق التنمية السوري"  فرصة لإعادة الإعمار "صندوق التنمية السوري".. خطوة نحو الاستقرار الاقتصادي والسياسي الأمم المتحدة تؤكد أن لا حل في المنطقة إلا بقيام دولة فلسطينية "التقانة الحيوية".. من المختبر إلى الحياة في "دمشق الدولي" تقنية سورية تفضح ما لا يُرى في الغذاء والدواء انعكاس إلغاء قانون قيصر على التحولات السياسية والحقائق على الأرض في سوريا حاكم "المركزي": دعم صندوق التنمية السوري معرض دمشق الدولي.. آفاق جديدة للمصدّرين