“تحت ستار الظلام..”

ليل، وظلام، وخوف.. والجريمة النكراء تُقترف في العتمة.. والعالم بعد أن فقأ عينيه لم يعد يرى النور، ولا الظلام.. وبعد أن أصم أذنيه لم يعد يسمع صرخات الأطفال، وعويل الأمهات، وبكاء الرجال وهم يجمعون أشلاء أحبائهم بعد أن قطَّع القصف الوحشي أوصالهم، ومزَّق عائلاتهم، بل سعى لأن تشطب عائلات بكاملها من السجل المدني في أهوال تقشعر لها الأبدان ليس لأن هؤلاء هم من أبناء جلدتنا وإنما بحس الإنسانية التي فقدها عدونا الوحش بعد أن طغت على عينيه شهوة الدم.

ماذا سيسجل التاريخ؟ هل سيزوّر الحقائق، ويطمس الجرائم؟ ولو فعل فسوف يكون خاسراً لأن أجيالاً تلو أجيال ستظل تذكر ما علق في الذاكرة، وسيُحفر بالتالي في الذاكرة الجمعية للبشرية مما جرى ويجري الآن فوق أرض ترابها أصبح من دماء.

وها هو عدونا يذهب بعيداً في أفكاره الشيطانية فيهدي أطفالنا دمى ملطخة بالدماء في رمز سافر إليهم يزرعها في الطرقات، ويعلقها على الأشجار في محاولة لترويعهم، وإخافتهم.. ولكنه حتى اللحظة لم يدرك بعد أن هؤلاء هم أبناء الحجارة الذين زُرعت الشجاعة في صدورهم بالرغم من صغر أعمارهم ويفاعتها، وهم يستمدون الصمود من آبائهم، وأمهاتهم الذين يغرسون أقدامهم عميقاً في أرضهم كنموذج قدوة.

هل سينسى ذلك الطفل الذي يحب رياضة كرة القدم كيف كان يلعب مع أقرانه ليجد نفسه فجأة تحت قصف أفقده قدمه، كما أخسره أولئك الأقران؟ أو ذاك الآخر الذي يركض تحت وقع الحمم المتساقطة فوق الرؤوس ليساعد مصاباً وقع بالقرب منه؟ أو غيره وهو يرى المسعفين يخرجون أشلاء أسرته من تحت الأنقاض؟.. أو حتى ذلك الصغير الذي لم يبلغ سن المدرسة بعد وهو يتمسك بثوب أمه يسأل عن سبب الأصوات العنيفة التي يسمعها، وماذا يجري من حولهم، والأم تهدئ من روعه، وتعده بنزهة مبهجة قريبة؟ أو مَنْ أصبحوا بطرفة عين دون أهل؟ قصص، وروايات لا حصر لها تنوعت بتنوع أسماء المصابين، والمنكوبين، والمفجوعين، واتسعت دائرتها باتساع أعداد الضحايا.

كأوراق شجرة تتساقط في الخريف تتساقط الأعمار في (غزة)، وتتساقط معها حقوق الإنسان وأقلها تنفس الهواء غير الملوث بغبار القصف، والغازات السامة.. وكأس ماء نظيف.. وطعام يؤكل والأجسام لا ترتجف خوفاً.. وفراش آمن.. وسقف بيت يؤوي تحته أفراد أسرة كاملة، وطفل لا يسأل أبويه: هل سنموت؟ ومتى؟

عندما نتحدث عن الحروب، فإننا بالتأكيد نشير إلى واحدة من أكثر الظواهر المدمرة، والمروعة في تاريخ البشرية فالحروب لا تجلب معها إلا الدمار، والموت، والخراب، ولا تتسبب إلا في معاناة جسدية، ونفسية هائلة للأفراد، والمجتمعات. وأهوال الحروب تكمن في جوانب عدة سواء أكانت من الأهوال الظاهرة، أم تلك الخفية التي تؤثر على الأفراد، والبيئة، والثقافات.

وصحيح أن حرب (غزة) قد حولت الأرض المزدهرة إلى صحراء من الخراب يعاني فيها الناس من الاضطهاد في نقص الغذاء، والماء، والرعاية الطبية، وربما انتشار الأمراض، والمجاعات، كما التشريد، والتهجير القسري، وعدم الاستقرار، وخلق حالة من الفوضى العارمة التي تتسبب في جروح نفسية عميقة يصعب التعافي منها.. لكن ما لم يكن في حسبان العدو أن رد فعل هؤلاء الناس رغم كل ما حل بهم أنهم لم يفقدوا الهوية، ولا الانتماء بل زادتهم الحرب إصراراً، وتشبثاً بجغرافية المكان.. كما لم يتم تدمير الثقة، والتعاون بين الأفراد والمجتمعات بل ظهرت تلك القدرة المدهشة للإنسان على الصمود النفسي، والتكيف مع الظروف القاسية وتحديها برغبة البقاء، والحفاظ على الحياة.

كما أن العدو نسي ما انغرس في النفوس من إصرار على مواجهته لدى أجيال ستكبر وهي تحتفظ في ذاكرتها بكامل الصور المفجعة للجريمة السوداء التي اقترفت بحق شعب تحت جنح الظلام بينما الناس نيام بيد وحش لم يعد يظهر من ملامحه سوى أنياب تقطر دماً.

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة