عنفوان الأسيرات يهزم جبروت الكيان ويهز قضبان السجان

الثورة – لميس عودة:

خلف القضبان تخيط الجرح كوفية وتنقش العهد على وشاح الصبر.. تتجلد بوعد لله كان مفعولاً.. أسيرات حرائر من عيار الآباء.. فلسطينيات من طراز البسالة.. أمهات ينجبن  نسلاً من سلالة الرباط المقدس، أول شهقاته حب فلسطين وأول صرخاته مقاومة،ـ يردد ملء حناجر يقينه أن ليل الاحتلال زائل فلا غرفة التوقيف باقية ولا زرد السلاسل.
لأنها الصخرة الأصلب في القلعة الفلسطينية ولأن لثباتها عميق الأثر على متانة البنيان الفلسطيني، أمعن الاحتلال في استهدافها فهي الأم التي تنجب مقاومين تسقيهم حليب الذود  عن الأرض والمقدسات وهي الأسيرة بأغلال الحقد الصهيوني وهي شقيقة الشهيد وابنة الأسير وزوجة المقاوم المطارد، وهي الطبيبة المسعفة والصحفية والناشطة الإنسانية تقاتل على جبهات القتال المفتوحة الممتدة على امتداد مساحة الوجع الفلسطيني.
خصوصيتها فرضها واقع تعيشه، كابدت وتكابد فيه عذابات فقد فلذات الأكباد والتهجير القسري ونسف المنازل ومحاولات امتهان كرامتها على حواجز العربدة الإسرائيلية، لكنها اختارت رغم الجور أن تتزنر بالحق المبين وتشد أزر المقاومين إلى حين نصر وتحرير.
ولأنها كذلك توحشت أساليب الاحتلال باستهدافها إلى حد جرائم أسرها واعتقالها من دون مذكرات توقيف، وكل ذلك للتأثير على معنويات المقاومين واستنزاف ثبات الفلسطينيين ورباطة جأشهم وثنيهم عن مقارعة العدو الغاصب، لكن مع صمود المرأة الفلسطينية لم تنفع كل الطرائـق الإرهابيـة التـي اسـتخدمها الجلاد الصهيوني أمـام كبريـاء المـرأة الفلسـطينية وثباتها وبقيت شـجاعة في تحديهـا، وعظيمـة في دفاعهـا عـن شرفهـا وكرامتهـا ووطنها.
ذاكرة الوجع الفلسطينية بخصوص استهداف النساء الفلسطينيات زاخرة بكل مشاهد الإجرام الصهيوني منذ بداية نشأته على أيدي عصابات إرهابية متعطشة لسفك الدماء ارتكبت مجازر قتل وبقر بطون حوامل وسحل نساء فلسطينيات واقتيادهن للمعتقلات، وفي مجازر كفر قاسم ودير ياسين وصبرا وشاتيلا والكثير غيرها دلائل وبراهين توثق للجرائم المرتكبة تصفع الجلاد الآثم بدماء ضحايا إرهابه، وتحشر المجتمع الدولي في زاوية التخاذل المعيب والتواطؤ المخزي مع مجرمي الحرب الصهاينة والانصياع المهين لراعية وحشيتهم أميركا.
حلقات الإرهاب الصهيوني هذه سلسلة طويلة لم تنقطع، فحرائر فلسطين في سجون التعسف والجور العدواني يجسدن بمعاناتهن بعض فصول المأساة الفلسطينية المستمرة فصولها منذ بداية النكبة، إذ تواجه الأسيرات الفلسطينيات أبشع أنواع القهر والحرمان والتعذيب وسوء المعاملة، والحرمان من زيارة الأهالي، والإهمال الطبي، وسوء التغذية، والعزل الانفرادي، والاحتجاز في غرف وأقسام تفتقر إلى الحد الأدنى من شروط الحياة الكريمة.
تعددت أشكال الاستهداف للنساء الفلسطينيات وتنوعت فصول عذاباتهن منذ أن تم غرز الكيان الغاصب خنجراً مسموماً في الجسد الفلسطيني،  ولو أردنا الخوض في تفاصيلها لاحتجنا لمجلدات وموسوعات ضخمة لتوثيق الانتهاكات بحق المرأة الفلسطينية ولكننا سنحاول التركيز على ما  تعانيه الأسيرات الفلسطينيات في ظل صمت أممي وعجز ما تسمى منظمات حقوق الإنسان عن الانتصار للإنسانية وصون حرمتها التي تستباح جهاراً من دون أن يرف للعدو المجرم جفن من احتمال مساءلة أو تجريم أو يتحرك بالهيئة الأممية ضمير إنساني.
كثيرة هي التقارير لمنظمات حقوقية وإنسانية في الداخل الفلسطيني المحتل كمؤسسة الضمير ومؤسسة الميزان ودراسات بحثية مستفيضة قدمتها أسيرات محررات سلطت الضوء على معاناة الأسيرات ورصدت انتهاكات الاحتلال بحقهن واللواتي يتجاوز عددهن الحالي 31 أسيرة وكن أكثر من ذلك، منهن من حررت ومنهن من تنتظر، ما زادهن نزيف جراحهن إلا يقيناً بحتمية النصر وكسر القيد الدامي، فلم يبدلن ثوابتهن ولم بساومن على حقوق مشروعة سليبة فما وهنت منهن العزائم ولا خفت وهج شعلة المقاومة.
تقارير لهيئات حقوقية من فلسطين المحتلة تعنى بشؤون الأسرى ومنها هيئة الأسرى وثقت تعرض 17 ألف امرأة فلسطينية عام 1967 للاعتقال والأسر كأداة للضغط على ذويهم، أو عقاباً على نشاطهن السياسي أو الطلابي ضد الاحتلال، أو حتى لمجرد الاشتباه خلال مرورهن بحواجز التفتيش التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي بين المدن والبلدات والقرى الفلسطينية، أو حتى خلال زيارة أبنائهن في السجون ليعشن تجربة مريرة قاسية قد تستمر سنوات، وكشفت الهيئة عن الظروف القاسية والانتهاكات التي تتعرض لها الأسيرات الفلسطينيات والتي تتنافى مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان في القوانين الدولية وتتعارض مع المواثيق الإنسانية.
وتؤكد التقارير والأرقام وجود عشرات الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بينهن من هن في طور الطفولة و قاصرات وأمهات وحتى جريحات ومريضات يعانين الإهمال الطبي.

مديرة مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان في فلسطين المحامية سحر فرنسيس نوهت بأن 31 أسيرة يقبعن في سجون الاحتلال تم إصدار أحكام على 13 منهن، في حين تنتظر الباقيات محاكمتهن، موضحة أن  سلطات العدو الصهيوني تحتجز الأسيرات في سجن الدامون الذي يقع داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948بما يخالف اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر نقل السكان من الأراضي المحتلة، مؤكدة أن الأسيرات الفلسطينيات في سجن الدامون يعانين من ظروف قاسية وصعبة حيث يفتقر السجن لأدنى مقومات الحياة الإنسانية، ووفقاً للقانون الدولي الإنساني، خاصة اتفاقيات جنيف الأربعة وبروتوكولاتها الإضافية، فإن سلطة الاحتلال ملزمة بحماية الأسيرات، وغياب آليات الحماية إمعان صارخ وسافر في انتهاك حقوق الإنسان.
مركز التوثيق الفلسطيني وثق أيضاً شهادات لأسيرات محررات تحدثن عن ظروف صعبة وقاسية عانينها داخل زنازين العدو من ضرب وسحل وركل وتفتيش عارٍ، وتحرش لفظي أو جسدي خلال كل فترات الاعتقال ابتداءً من التوقيف والاحتجاز وخلال التنقلات من سجن إلى آخر، علاوة على الإهمال الطبي وانتهاك الخصوصية بوجود كاميرات مراقبة تقيد من حريتهن في اللباس والحركة، وإصابتهن بمشاكل صحية نتيجة عدم تعرضهن لأشعة الشمس وغياب البيئة الصحية، إضافة للاقتحامات المفاجئة لقوات الاحتلال من داخل السجن وخارجه، والتفتيش بطريقة استفزازية.
وإمعاناً في خرق القانون الدولي والإنساني من قبل العدو الغاشم لا يشفع للمرأة الفلسطينية كونها حاملاً فكثير من الأمهات اعتقلن وهن حوامل وأنجبن أطفالهن في سجون الاحتلال، فمسلسل عذابات ومعاناة الأسيرة الحامل يبدأ منذ اللحظة الأولى لاعتقالها من قبل الاحتلال، تقيد رجليها ويديها بالسلاسل وتعصب عينيها، وتلقى في الزنازين لتخضع لأساليب تحقيق قاسية، تشمل الشبح والضرب والترهيب والمنع من النوم والحرمان من الطعام لفترات طويلة من دون مراعاة وضعها الصحي كونها حاملاً ؛ لدرجة أن بعض الأسيرات جرى محاولة إجهاضهن بالركل على بطونهن لانتزاع اعترافات يريدها محققو الاحتلال، وبعد انتهاء فترة التحقيق ونقل الأسيرة إلى غرف السجن تنتقل إلى فصل آخر من المعاناة  فغرف الاعتقال تفتقر إلى الحد الأدنى من البيئة الصحية، فلا  شمس، ولا تهوية، لا تغذية مناسبة، ولا عناية طبية للوالدة أو الجنين.
وعندما يأتي موعد الولادة تقيد سلطات السجن رجلي الأسيرة ويديها بالسلاسل، وهي في حالة مخاض، لتنقل إلى المستشفى؛ وهناك تتفاقم معاناتها عندما يشد وثاقها إلى سرير ولادتها، دون السماح لزوجها وأفراد عائلتها بالحضور والوقوف إلى جانبها ولا يفك وثاقها إلا لحظة ولادتها.
ولا تقتصر معاناة الأسيرة الحامل على مرحلة التحقيق، ولا تنتهي بانتهاء عملية الولادة، بل تمتد إلى ما بعد ذلك، حيث يعاد تقييدها بالسلاسل لتنقل وطفلها إلى سجنها، ليعامل طفلها كأسير يشارك والدته القضبان والمعاناة، وليس كطفل مولود رضيع بحاجة إلى توفير مستلزمات خاصة من راحة وعناية صحية فائقة وغذاء وحليب وتطعيمات ضرورية وغيرها، وليحرم من أبسط حقوق الطفولة، ويتعرض لأقسى أنواع القهر والحرمان كأمه الأسيرة.
قسوة الاحتلال لا تنتهي عند هذا الحد، بل تصل إلى التفريق بين الأم وطفلها عندما يبلغ سن السنتين ليحرم الطفل من حضن والدته.
حتى جثامين شهيدات مقاومات لا تزال سلطات الاحتلال تحتجز عدداً منها في ما يسمى “مقابر الأرقام العسكرية”، وترفض تسليم رفاتهن إلى ذويهن.
تلك بعض الصور من فيض معاناة الأسيرات الحرائر القابعات تحت نير الإجرام الصهيوني ومقصلة صمت منظمات حقوق الإنسان التي لم تنتصر لمبادئها، لا يثنيهن الترهيب والبطش والتنكيل التي يؤدي طقوس الإجرام فيها عدو دموي مارق على الجغرافيا والتاريخ والإنسانية، لا تثنيهن كل وحشيته وفظائعه المرتكبة عن واجب المقاومة المقدس، فهن الحرائر ولو بالقيد الدامي وسجانهن هو السجين بين جدران أوهام دوام احتلاله وطغيانه.

آخر الأخبار
القاسم لـ"الثورة": الرياح ووعورة التضاريس تسببت باستمرار حرائق الربيعة وزير الاقتصاد: الزيارة إلى إدلب بداية الإنجازات الشيخ الدرويش لـ"الثورة": الغزو الثقافي استهدف العقيدة والدين وزيّف التاريخ درعا.. القبض على عصابة قطاع طرق الشرع يبحث مع ملك البحرين في المنامة العلاقات الثنائية والأوضاع الإقليمية تشكيل مجالس علمية في مشافي حلب   الاحتلال يقصف خياماً للنازحين.. والأمم المتحدة ترفض خطة المساعدات الإسرائيلية الأمن العام يعزز تواجده على أتوتستراد دمشق - درعا رفع كفاءة كوادر وزارة الكهرباء في مؤتمر "نهضة تك".. وزير الاتصالات: نلتزم بتوفير بيئة تقنية ومنظومات رقمية تخدم المجتمع France 24: إضعاف سوريا.. الهدف الاستراتيجي لإسرائيل فيدان: مبدأ تركيا أن يكون القرار بيد السوريين لبناء بلدهم "أوتشا": الألغام ومخلفات الحرب تخلف آثاراً مميتة في سوريا الرئيس العراقي: القيادة السورية من تحدد مستوى المشاركة في القمة العربية مؤتمر "نهضة تك" ينطلق في دمشق.. ومنصة "هدهد" لدعم الأسر المنتجة جودة طبيعية من دون غش.. منتجات الريف تصل المدن لدعم الصناعة السورية.. صفر رسوم للمواد الأولية أرخبيل طرطوس.. وجهات سياحية تنتظر الاهتمام والاستثمار مركزان جديدان لخدمة المواطن في نوى وبصرى درعا.. تنظيم 14 ضبطاً تموينياً