تقرير حالة البيئة يسلط الضوء على المشكلات البيئية.. المهندس عرنوس: الاستدامة البيئية أحد الأهداف الإستراتيجية التي نصت عليها رؤية سورية لعام 2030
الثورة – دمشق – لينا شلهوب:
في إطار العمل على إدخال البعد البيئي في عملية التنمية، واعتماد خطط استثمارية تتماشى مع متطلبات التنمية المستدامة بعد مراعاة الاعتبارات البيئية والحفاظ على النظم البيئية كافة، وللوقوف على الواقع الحالي لحالة البيئة في سورية، أقامت اليوم وزارة الإدارة المحلية والبيئة ورشة عمل حول تقرير حالة البيئة خلال الفترة من 2010 وحتى 2021، وذلك بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة الأغذية والزراعة، برعاية رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس، وحضور عدد من الباحثين والخبراء من وزارة الإدارة المحلية والبحوث البيئية، الهيئة العامة للاستشعار عن بعد، المديرية العامة للأرصاد الجوية، الهيئة العليا للبحث العلمي في وزارة التعليم العالي، وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، وقائم بأعمال سفارة الإمارات، ومحافظي دمشق وريف دمشق.
اهتمام بالشأن البيئي
وبين المهندس عرنوس خلال انطلاق أعمال الورشة، أن الدولة وإيماناً منها بأهمية البيئة ومنعكساتها، وضرورة تقييم أثر التغيرات المناخية على الموارد الطبيعية والبشرية، أولت الشأن البيئي اهتماماً كبيراً ضمن خططها التنموية وسياساتها واستراتيجياتها الوطنية، كون الاستدامة البيئية تعد أحد الأهداف الإستراتيجية التي نصت عليها رؤية سورية لعام 2030، ووضعت ضمن أهدافها المحافظة على البيئة ومكوناتها الطبيعية وحمايتها وتطويرها، والحد من التلوث وتعزيز المقومات الأساسية لجودة الحياة، من خلال اعتماد أهداف التنمية المستدامة لعام 2030.
ولفت إلى الجهود والشراكة الوطنية في مواجهة التحديات البيئية، بالتزامن مع جهود المنظمات وغيرها لمتابعة حالة البيئة، معتبراً أن أكبر مشكلة تواجه البيئة تتعلق بسوء استخدام الموارد الطبيعية، واستنزاف المقومات الأساسية فيها، مؤكداً أن الحاجة ماسة إلى رصد ظواهر المشكلة وتقييم أبعادها وتحليل انعكاساتها في ضوء ارتباط قضايا البيئة بالسياسات التي تعتمدها الدول لحماية هذه الموارد، وترشيد استخداماتها، منوهاً بأن انعقاد هذه الورشة اليوم يأتي في ظل عالم أصبحت فيه القضايا البيئية في أعلى سلم الأولويات للدول والمجتمعات، ولاسيما آثار التغيرات المناخية التي نشهدها ويتكرر حدوثها في أوقات مختلفة من العام، والتي باتت تشغل تفكير جميع المهتمين بالشؤون البيئية، لما لها من انعكاسات سلبية على حياة الإنسان ونشاطه، مؤكداً أن الإرهاب المدعوم من قوى الشر في العالم أثر بشكل مباشر على مقومات البيئة، وأدت العقوبات والإجراءات القسرية أحادية الجانب إلى زيادة هذه المشكلات وإعاقة التعافي في مختلف المجالات التي تمس البيئة والإنسان.
استثمار الموارد الطبيعية
وأشار المهندس عرنوس لأهمية البحث والابتكار لمواجهة التحديات البيئية التي تواجه سورية بشكل خاص والعالم بشكل عام، وهو ما ينبغي العمل عليه واتباع ممارسات سليمة للاستثمار الأمثل للموارد الطبيعية، لضمان استدامتها والحد من مصادر التلوث والتكيف مع التغير المناخي، ومعالجة تدهور الأراضي ومكافحة التصحر والعواصف الغبارية، من خلال الاستفادة من التقنيات الحديثة والصديقة للبيئة، وتبادل المعارف والخبرات، وبناء القدرات، ووضع الضوابط والمعايير التي تعزز الاستدامة البيئية.
كذلك أوضح أن الحكومة قدمت كل الدعم لنشر الطاقات المتجددة من خلال القانون رقم 41 لعام 2022 بهدف تشجيع ودعم إنتاج الكهرباء عبر الطاقات المتجددة، إضافة إلى القانون رقم 30 لعام 2022 المتضمن المصادقة على انضمام سورية إلى الاتفاق الإطاري لإنشاء التحالف الدولي للطاقة الشمسية، وشجعت ودعمت إقامة المعامل لصناعة ألواح الطاقة الشمسية، ناهيك عن التزام سورية بالمعاهدات البيئية الدولية التي صادقت عليها، وتشارك المجهود العالمي في المسؤولية لحماية البيئة العالمية، إضافةً إلى الجهود المبذولة على المستوى الوطني الهادفة لحماية البيئة وصحة المواطنين، متجاوزين تداعيات الحرب بما يحقق أهدافنا في حماية البيئة والحفاظ عليها.
مؤتمر عالمي للبيئة
وتطرق المهندس عرنوس إلى أن البيئة تشكل إحدى أهم القضايا، خاصة مع حصول تغير مناخي على مستوى جميع الدول، وفي هذا الإطار تأتي جهود دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة لتنظيم مؤتمر عالمي عن البيئة خلال الشهر القادم لبحث قضية البيئة، مشدداً على أن ما تضمنه تقرير حالة البيئة خلال الفترة الزمنية المذكورة يتطلب من كل الجهات الوطنية تضمين خططها السنوية ما ينبثق عن مصفوفة التوجهات الأساسية التي تضمنها التقرير، وخصوصاً أنه أنجز من فريق علمي متخصص، وبجهود مشتركة من مختلف الوزارات والجهات المعنية بالاشتراك مع ممثلي المنظمات الأممية المعول عليها تأمين التمويل اللازم لمعالجة القضايا البيئية، بعد توحيد الجهود، ووضع ما يتم التوصل إليه أمام متخذي
القرار للحظه في الخطط والبرامج التنموية والاقتصادية للتكيف مع التغيرات المناخية.
تحديات وضغوطات
بدوره أكد وزير الإدارة المحلية والبيئة المهندس حسين مخلوف أن سورية- كغيرها من الدول- واجهت خلال الفترة من 2010 – 2021 العديد من التحديات في مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، كما مرّ عليها تحديات وضغوطات ناجمة عن تغيرات مناخية عالمياً وإقليمياً ومحلياً، كما أن الحرب على سورية سببت وأدت إلى حدوث آثار ليس من المتاح إزالتها، وستكلّف الكثير من تخفيف انعكاسها علينا وعلى حياتنا ونشاطاتنا، ما يتطلب بذل الجهد للتكيّف معها، ومواءمة خططنا وسياساتنا الاقتصادية والاجتماعية والاستثمارية والبيئية معها.
كما نوه بأن إعداد هذا التقرير بالتعاون مع الخبراء والباحثين والمنظمات يعد إنجازاً بحد ذاته، وإن كان واجباً لكنه لا يروّج لإنجازاتنا كوزارات وجهات معنية، إنما يسلط الضوء على القضايا والمشكلات البيئية التي تحتاج جهوداً لإنجازها.
وفيما يتعلق بالتقرير، بين الوزير مخلوف بأنه تبنى مجموعة من الرسائل الأساسية على المستوى الوطني، وكان بمثابة صرخات بيئية تتعلق بالهواء والمياه والأراضي والتنوع الحيوي والنفايات والتجمعات العمرانية والتغيرات المناخية والسكان والاقتصاد والطاقة والتلوث النفطي والحرائق والأنقاض، إضافة إلى حدوث فَقدٍ كرسته الحرب، ونتج عنها خلل في التوزع السكاني، وانزياحات طارئة شكلت ضغوطاً بيئياً كبيرة، ولاسيما على التجمعات العمرانية ومع كميات كبيرة من الأنقاض، حيث أدى الاضطراب في التوزّع السكاني خلال الفترة التي يغطيها التقرير إلى تغيير في أنماط الإنتاج والاستهلاك غير المستدام، والتوسع العمراني، وسيطرة التخطيط القطاعي، وعدم كفاءة نهج التخطيط الإقليمي، ومشكلة إدارة المخلفات الصلبة، وتدهور الأراضي، والتصحر، وفقدان التنوع الحيوي، والعجز المائي.
تكاتف الجهود الإقليمية
ولفت إلى أنه من أخطر التحديات التي تنتظرنا وجود عشرات الآلاف من الهكتارات من الأراضي الزراعية الملوثة نتيجة التكرير غير الشرعي للنفط في المناطق الشمالية الشرقية بفعل الإرهاب وداعميه، ما أدى إلى تلوث المياه الجوفية، وفاق من معدلات تلوث الهواء، ما يتطلب معالجات بيئية نوعية طويلة الأمد من أجل إحيائها من جديد.
كما أن سورية عرضة للعواصف الغبارية القادمة من الجوار، والدول الإقليمية، وبسبب التغيرات المناخية نتيجة بعض الممارسات باتت تشكل منبعاً للعواصف، الأمر الذي يستدعي تكاتف الجهود الإقليمية عبر برامج تعاون حقيقية للتعامل مع هذه الظواهر لتأثيرها على الصحة العامة والاقتصاد، كما شهدنا فقدان مساحات كبيرة من الهكتارات من الغابات بسبب الحرائق المفتعلة والتحطيب الجائر جراء نقص المحروقات، حيث كانت فيما مضى تشكل موئلاً للتنوع الحيوي.
كما تطرق المهندس مخلوف إلى أن التقرير حدد 23 منطقة أو جيباً مكانياً تأثرت بشدة بالتغيرات المناخية وانعكست سلباً على التجمعات العمرانية والزراعية، وهي تتوزع بمساحات على جغرافية القطر، مضيفاً أنها تتطلب دراسات نوعية لمعرفة أثر كل منها.
مراكز دعم مجتمعية
علاوة على ذلك وانطلاقاً من أهمية بناء قاعدة بيانات خاصة وتحليلها وتطوير المؤشرات وتقييمها على أسس علمية، أكد الوزير أن إعداد تقرير حالة البيئة في سورية يأتي للوقوف على المشكلات التي تعاني منها النظم البيئية من خلال توصيف وتحليل للواقع الراهن، وتشكيل رؤية واضحة تستشرف الواقع البيئي، واقتراح الاستراتيجيات والسياسات.
وإيماناً بدور المجتمع المحلي يتم العمل على نشر مراكز الدعم البيئي المجتمعية بهدف استثمار الطاقات المجتمعية ضمن المناطق الهشة بيئياً، مبيناً أننا بحاجة ملحة للتحرك وتكاتف جهودنا معاً من أجل التوافق على صياغة استجابات فعالة ومستدامة نعمل على إرساء تعافٍ بيئي شامل في سورية، والعمل على بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
هذا وتضمنت ورشة حالة البيئة عدة محاور، منها: المنهجية، والقوى الدافعة في الإطارين الاقتصادي والاجتماعي، التجمعات العمرانية وإدارة النفايات، الأزمات والكوارث.
كما تمت مناقشة حالة البيئة في مجالات: (الهواء، الصحة، التنوع الحيوي، المياه، البيئات الساحلية، والأراضي)، وتطرقت إلى الإدارة البيئية والتوجهات من (التشريعات، البحث العلمي، التوعية البيئية، التوجهات الأساسية).