الملحق الثقافي- سهيلة إسماعيل:
عمدت الدول لمساندة إسرائيل إعلامياً ومنذ بدء عملية طوفان الأقصى من خلال قلب الحقائق بهدف تضليل الرأي العام العالمي.
ومن هذا المنطلق تمّ استهداف الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة أو اعتقالهم لمجرد أنهم حاولوا نقل حقيقة ما يحدث. ولأن ماكينة الإعلام الغربية هي المسيطرة عالمياً فإن الإجابة على سؤال من قبيل : هل سيبقى الإعلام الغربي مصدر المعلومات في العالم ..؟ تحمل عدة أوجه ولا سيما حين تكون إيجابية ، وفي هذه الحالة سيبقى التضليل هو سيد الموقف بخصوص ما يحصل الآن أو مستقبلاً.
لدينا هنا رأيان لإعلامييْن أجابا على السؤال من وجهة نظرهما وقاربا الموضوع بكثير من الدقة والمصداقية حيث قال الصحفي بطرس الشيني : إن سبب بقاء الإعلام الغربي مصدرٌ للمعلومات هو الإمكانيات الهائلة لوكالات الأنباء الغربية والمحطات الفضائية التي تمتلك مكاتب عمل ومراسلين في جميع أنحاء العالم . وهو أمر غير متاح لوكالات الأنباء الوطنية باستثناء الإعلام الصيني الذي حقق انتشاراً واسعاً ، والإعلام الروسي وإن كان بدرجة أقل بسبب تقييد انتشاره ومنعه من الوصول إلى المجتمعات الأوروبية . وقد تبين منذ اليوم الأول للعدوان على المدنيين في غزة انحياز الإعلام الغربي لإسرائيل، وتطابق موقفه مع المواقف السياسية للدول الغربية ، وراح ذلك الإعلام المتطرف يبرر قصف المشافي ويزعم وجود مقرات لمقاتلين ضمنها ، وكان هذا الكلام يتكرر قبل كلّ قصف، وكذلك تبرير استهداف الصحفيين الفلسطينيين على أنه أمر طبيعي وارد حدوثه في الحروب . كما أن أغلب المحطّات الغربية الناطقة بالعربية بدأت بعد مضي أسبوعين على العدوان تغير بعض الشيء في خطابها الإعلامي في محاولة منها لإرضاء المشاهد العربي الذي فقد الثقة بها بينما بقيت منحازة ضمنيا للعدوان. ولكي نحصن أنفسنا يرى الشيني أنه لا بدّ من وجود مادة دراسية لطلاب المرحلة الثانوية توضح أساليب التضليل المتبعة من قبل المحطّات الإخبارية خدمة للسياسة الغربية تحت مسميات وعناوين براقة .
ورأى الإعلامي طارق عجيب وهو مقيم في إحدى الدول الغربية : ثمة حقائق كثير تكشفت من خلال متابعتنا للإعلام الغربي ، وهي لم تكن واضحة بهذا الشكل من قبل ، فالمطلوب من الإعلام تأدية رسالة وله دور معين يؤديه يحقق من خلاله أهدافه ، لكن في الأزمات الكبرى رأينا اختلاف تلك المؤسسات الإعلامية في تعاطيها مع الأحداث وفق مصالح وأجندات واستراتيجيات الجهة المالكة سواء كانت حكومية أم خاصة ، لذلك نرى أن هناك توجهات تخالف المعايير الأساسية وميثاق العمل الصحفي والمهنية والحيادية والنزاهة والسعي لإظهار الحقيقة ، فكل هذا يغيب لصالح خدمة سياسات الجهات الداعمة والممولة بشكل عام ، وهذا ما ظهر في أزمة أوكرانيا وحصل قبل ذلك بكثير سابقا لكن لم يكن هناك تركيز على هذه التناقضات ولم تكن وسائل السوشال ميديا منتشرة على هذا النحو . حيث باتت الحقائق واضحة ولم تعد هناك إمكانية لاحتكار المعلومة وأصبح بإمكان المشاهد معرفة حقيقة ما يحدث ، لذلك فإن المؤسسات الإعلامية كشفت نفسها وعدم حياديتها وتناقضاتها .وفي كثير من الأحيان هي شريكة فيما يحدث. وهناك تجارب كثيرة عبر التاريخ لدور وسائل الإعلام في الحروب منذ الحربين العالميتين الأولى والثانية حيث يتم إعلان سقوط مدن إعلامياً والواقع غير ذلك. وحديثا استخدم التضليل الإعلامي عند بدء العدوان على ليبيا وإعلان سقوط طرابلس . فهذا يدل على أن الإعلام الغربي يستخدم الحرب النفسية وهو بروباغاندا لصالح الدول الكبرى المتحكمة بالمؤسسات الإعلامية . حيث تستطيع تلك الدول فرض ما تريد وما يخدم سياستها لتصل للرأي العام وتضلله . لكن في الوقت الحالي يستطيع المواطن وفي أي مكان أن يطلع على الحقائق من خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي ساهمت في نقل الأحداث كما هي على أرض الواقع ، لكن الغرب ونتيجة هيمنته على تلك الوسائل فإنه يمارس أيضاً أدواته التضليلية لقلب الحقائق وما يحدث في غزة خير دليل على ذلك . فالتعتيم والتضليل الغربي وتغييب الحقيقة ليس جديداً. لكنّه لن يبقى المصدر الوحيد للمعلومة في ظلّ انتشار الإعلام غير الرسمي أو الإعلام الشخصي. لكن حجم الجرائم المرتكبة في غزة بحق الأطفال والنساء والصحفيين عرّت تلك المؤسسات الإعلامية الغربية وكشفتها على حقيقتها.
العدد 1170 – 5 -12 -2023