من كلّ محادثتهما الطويلة لم يثبتْ في ذهنها سوى عبارة واحدة..
تكرّرتْ بينها وبين نفسها رغماً عنها.
حتى في صباح اليوم التالي كانت تتردد كموج ألحان لا ينقطع.. وتتلفظُ بها كصدى أغنية تهواها.
“أن يكون بيننا شيءٌ من توازن”..
هل تخضع علاقاتنا وتسير وفقاً لمبدأ “التوازن”..؟
كيف يمكن أن نتوازن بالعواطف والمشاعر..؟
وحتى حين نكون محبّين، هل نكون محبوبين بالمقدار ذاته..؟
يخطر لها أن ثمة وحدة قياسٍ للحبّ.. للمشاعر..
نتوه عنها أحياناً..
ونختلّ توازناً في سبيل الوصول إليها.. فكيف ندرك ونقيس “جودة” الحبّ..؟
في كتابها (طعام، صلاة، حبّ) والذي تحوّل إلى فيلم بالعنوان ذاته، سارت “إليزابيث غلبيرت” في طريقها الذي اختارته تحصيلاً لتوازنها الداخلي..
وحين دخلتْ بعد ذلك بتجربة حب جديدة، خشيتْ من فقدان توازنها/سلامها “الداخلي” بسببه، ليهمس لها الحكيم الروحي أن الحبّ سبيلٌ للتوازن لا العكس.
ثمة نوعٌ من العلاقات الحبّ.. تضفي على حياتها مقداراً ولا أجمل من توازن..
وثمة نوعٌ آخر يخربط دوزان لحظاتنا.. كجنون عاصفة، بضجيجها وصخبها، تأكل كلّ شيء تصادفه في دربها..
حبّ عاصفٌ.. هادر.. بربري يقتلعك من جذورك ولا يُعيد غرسَك في تربتِك ولا حتى في أي تربة بديلة.
غالباً يأتي الحبُّ مفتاحاً للتوازن، حين ندرك أننا نمنحه ونتلقاه كأقدس أنواع الأعطيات..
“كإضافة” تُعيد تفعيل وصف “توازننا” ولا تُخَلْخِله..
بمعنى تطبيق ما قاله “أندري كونت سبونفيل” من أن نحبّ ليس في الشعور بالنقص، ولكن في الشعور بالمرح.
“سبونفيل” أوجد خلطةً تمنح توازناً في الحبّ.. أو تجعل الحبّ مزيجاً من تجانس وتوازن (حين نحبّ ما يمتّعنا)، وفقاً لأرسطو وسبينوزا، ونبتعد عن حبّ ما ينقصنا.