أعتقد أن العلاقة بين جهاتنا العامة والشعبية والأهلية من جهة، وشبابنا اليوم وقادة مستقبلنا غداً من جهة ثانية، ليست جيدة، ولا حتى مقبولة، وإذا أردنا أن نشخّص الواقع في هذا المجال نقول: إن الهوة كبيرة بين الجهتين، وأن ثقة شبابنا بأكثرية تلك الجهات وبالمسؤولين القائمين عليها باتت ضعيفة جداً، أما الأسباب التي أدت لهذا الواقع الخطر فهي عديدة لعلّ أبرزها برأينا عدم وجود القدوة والريادات الشبابية، وغير الشبابية المؤهلة والمميزة، وسيطرة العقل الفردي، وغياب الفكر النيّر والسلوك الجيد عند نسبة كبيرة من قادتهم.
ومنها أيضاً استفحال مشكلات الشباب في التعليم والعمل والزواج والسكن، وضعف الدور المناسب (العصري) الذي تقوم به منظماتنا مثل الطلبة والشبيبة على الرغم ممانقرأ عن محاولات في هذا المجال، وعدم رعاية وتقدير الشباب (كما يجب) الذين دافعوا عنا وعن الوطن في الحرب القذرة التي شُنت علينا، وغياب لغة الحوار الشفاف والمنتج معهم في مدارسهم وجامعاتهم وأماكن عملهم أو تجمعاتهم، وعدم وضع خطط إسعافية، وأخرى استراتيجية لمعالجة قضاياهم بعد تشخيصها بدقة..إلخ.
إن التخلص من هذا الواقع والتأسيس لواقع جديد لشبابنا، ومن ثم لقادة مستقبلنا ضرورة اجتماعية وتنموية ووطنية، والنجاح في ذلك له متطلبات عديدة، أهمها من وجهة نظرنا تطوير مناهجنا الدراسية (التربوية-التعليمية)وتربية العقل النقدي التحليلي لديهم، وإجراء حوارات دائمة ودورية فيما بينهم، وفيما بينهم وبين قياداتهم السياسية والإدارية، والانتقال بالعلاقة معهم إلى العلاقة التفاعلية والتعامل معهم بكل احترام بعيداً عن الفوقية والعجرفة والإهانة، وإقامة ورشات عمل لهم للتوصل من خلالها إلى بناء منظمات شبابية جديدة ترعاهم وتكون مسؤولة عن شؤونهم وشجونهم وتطوير ثقافتهم وتحسين سلوكهم وأهم شيء تلبية الكثير من طموحاتهم، ووضع خطط بالتشارك معهم لمعالجة أسباب ونتائج مشكلاتهم..إلخ.
وأختم بالقول:صحيح أننا تأخرنا في العمل مع شبابنا وفق ما أشرنا إليه أعلاه، وهذا مازاد الواقع سوءاً لدرجة بات فيها التدخل والمعالجة صعباً، لكن الصحيح أيضاً أن العمل حالياً لابد منه فأن نصل متأخرين خير من ألا نصل أبداً.