رغم ما طال بعض الجوانب فيه من انتقادات، إلا ان المشروع الإداري الجديد الذي تعمل عليه الدولة شديد الأهمية وشديد الإيجابية لجهة تحديد المسار الزمني للإدارات والتخلص بقوة القانون -عبر المسار الزمني- من كثير من المفاصل التي تصيب مؤسساتها بالروماتيزم وصعوبة الحركة.
المسألة أن رأس الهرم في أي مؤسسة او إدارة أو هيئة او مصرف مثلاً باعتباره المفصل التنفيذي الأهم، ولكونه صلة الوصل بين القيادات القاعدية والإدارة الاستراتيجية ممثلة بالوزارة –أيا كانت- هو المركز الوظيفي الذي يشكّل حجر الزاوية في بناء العمل، ولذلك يتمتع بامتيازات مثلما يتمتع بصلاحيات واسعة جداً في القطاع الذي يديره.. وهنا بيت القصيد.
الجزاء يجب ان يكون من جنس العمل، وبعبارة اخرى فمن المنطقي لو أن المحاسبة تكون على قدر الصلاحيات، فعلى كفتي الميزان تكون منطقية وواقعية محاسبة كل رأس هرم يترهّل موقعه وتفشل مؤسسته أو يتراجع مستواها عما قبل.. بل أليس من الضرورة المنطقية أن يكون حسابه أكثر دقة من الموظف العادي؟
وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن مدير عام في احد المصارف العامة متوسطة الحال والقدرة انتهت فترته القانونية ولا زال ينقل هذا ويعاقب ذاك، ويَعد المديرة الفلانية بسيارة حال توفر واحدة جيدة في المرآب، بل ويوزع البيوت المخصصة للمصرف وفقاً لقناعته.. بصيغة قانونية قدر الإمكان..!!
ما المستند القانوني لذلك وهي حالة قد استنزفت كل المدة المخصصة لها قانوناً، وهو ليس حكماً مكتشف الجاذبية أو مبتكر النسبية حتى يستمر في ممارسة هذه الصلاحيات على مؤسسة تحتاج جداً من ينهض بها مما ألمّ بها!
المشكلة ان الضرر الذي يحدثه مدير عام غير متمكّن يحتاج سنوات لإصلاحه من الناحية التقنية المعروفة في الأوساط المالية بالفنية، أما الضرر البشري وهجرة الكفاءات والنزف الذي يسببه فمن رابع المستحيلات تعويضه، الأمر الذي يجعل من المنطقي وضع سلّم للمحاسبة اكثر دقة من سلالم التصحيح في الامتحانات لأن الامتحان يعُاد بعد سنة اما المؤسسات فتحتاج سنوات لإصلاحها وفقاً لحجم الضرر.