الورق له ذاكرة لا تُمحى، فما تحتضنه الصفحات من معارف وعلوم وثقافات، يبقى فيها جالساً هادئاً متأنقاً فوق السطور…. كيف اختُرع الورق ومن اخترعه…؟
منذ اختراعه، سجل الورق نفسه حرفياً في تاريخنا البشري والإنساني كأحد أهم إنجازات الحضارة المحافظ عليها والناقل لها، فقد مر اختراع الورق وتطويره ونشره أيضاً بعملية شاقة حتى انتشر بالنهاية بكل أرجاء العالم.
اخترع الصينيون الورق عام 105 بعد الميلاد خلال عهد أسرة هان. ثم انتشرت شعبية الورق ببطء إلى الغرب عبر سمرقند وبغداد بالعراق.
و بدأت صناعة الورق في أوروبا في إسبانيا وصقلية في القرن العاشر على يد المسلمين الذين كانوا يعيشون هناك في ذلك الوقت. فقد انتشر استخدام الورق تدريجياً إلى إيطاليا وجنوب فرنسا.
وصل الورق إلى ألمانيا ودول شمال أوروبا الأخرى بحلول القرن الخامس عشر الميلادي.
حيث تُعرف صناعة الورق بأنها واحدة من الاختراعات الأربعة العظيمة في العصور القديمة واختراع مهم عزز انتشار الثقافة الإنسانية، فخلال عهد أسرة هان الشرقية، أراد تساي لون تنفيذ الابتكار التكنولوجي والتحول إلى استخدام مواد رخيصة مثل اللحاء والخرق ورؤوس القنب وشباك صيد السمك والألياف النباتية الأخرى لصنع الورق، ما قلل بشكل كبير من تكلفة صناعة الورق، وكان تساي لون يقوم بتجميع هذه المواد، ويعمد لطحنها وعجنها وتجفيفها لصناعة الورق، وقد تميزت الأوراق المصنوعة من قبل تساي برقتها وتبطينها، حيث تُصنع من قوالب مسامية والذي شكل اختراعاً مميزاً، وقد أبلغ تساي لون الإمبراطور يوان شينغ من أسرة هان، عن نتائج تحسين صناعة الورق، وقد أعجب الإمبراطور بمواهب تساي لون كثيراً، وقام بترويج تكنولوجيا صناعة الورق المحسنة في أماكن مختلفة. وبدءاً من عهد الإمبراطور هانان أطلق البلاط الإمبراطوري على تساي لون اسم ماركيز لونجتينج، لذلك أطلق الناس لاحقاً على الورقة اسم “ورقة تساي”.
ومنذ ذاك الوقت تحسنت صناعة الورق بصورة عظيمة حيث يسهل العثور على هذه المواد الخام رخيصة الثمن وللتحول لأوراق يسهل الكتابة عليها والذي شجع على ظهور الكتب الورقية، ومن ثمّ تُعرف صناعة الورق بأنها واحدة من الاختراعات الأربعة العظيمة في العصور القديمة واختراع مهم عزز انتشار الثقافة الإنسانية.
التالي