من يطالع الأخبار الخاصة بحملات التشجير الوطنية “العامة لا الخاصة بكل تأكيد” وحجم التصريحات السابقة واللاحقة لها، وعدد الغراس التي تتم زراعتها على امتداد المساحة الجغرافية السورية تقريباً، يعتقد وللوهلة الأولى أن النسخة المصغرة لغابات الأمازون موجودة في ربوعنا الخضراء واليابسة على حد سواء.
مئات لا عشرات آلاف الغراس “الحراجية منها على وجه الخصوص والتحديد” يتم إدراجها دورياً ضمن خطط وحملات وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي التشجيرية “المركزية والفرعية” تحت عنوان وشعار إدخال وإعادة تأهيل وإحياء الأراضي “الجديدة ـ المتدهورة ـ المحروقة” وزيادة المساحات الخضراء، خلال الساعات الأولى أو الأيام القليلة التي تلي المراسم الاحتفالية التشجيرية.
خطتنا الحراجية “الأكثر من جيدة على الورق” يجب إخراجها وعلى الفور من دائرة المخطط والمنفذ والموزع والمباع، ونقلها إلى مثلث الاهتمام العالي المستوى، والمتابعة الدائمة والمستمرة “ضمن جداول تتبع حقيقية دورية”، ومن قمة الهرم الزراعي إلى القواعد الحراجية والبلدية والبيئة، وصولاً إلى المجتمع المحلي باعتباره اللاعب الأساسي والمهم والأهم في الحفاظ والدفاع عن هذه الثروة الوطنية من التعدي على الغابات والحرائق والقطع الجائر والرعي والإهمال، وعلى وجه الخصوص مافيات التفحيم.
الشجرة في مواقعنا الحراجية المحترقة والجرداء على حد سواء، لا تحتاج فقط حملات تشجيرية “طنانة رنانة”، وإنما لزنود سمراء وخبرات وكفاءات قادرة ليس فقط على زراعة عشرات الآلاف من الأشجار “الحراجية ـ المثمرة” والنباتات ” الطبية والعطرية .. ، وإنما هي بأمس الحاجة لمن هو قادر قولاً وفعلاً “وتحديداً خلال المدد الزمنية الفاصلة بين الحملة التشجيرية والأخرى”على زراعتها وحمايتها وخدمتها لسنوات “وهنا بيت القصيد”، طبعاً ليس لساعات كما درجت عليه العادة في سابقات الأيام، عندما كانوا يتغنون بزراعة مئات آلاف الأشجار، ويتهربون حتى يومنا هذا من ذكر خطوات أو مراحل عمليات المتابعة والرعاية والاهتمام، أو أطوار نمو تلك الأشجار واستطالاتها، وإلا لما كان لدينا “حتى تاريخه” مئات آلاف الهكتارات من الأراضي القاحلة وغير المستثمرة، وملايين الغراس والشجيرات اليابسة التي لم تجد من يتصور معها أو يلمسها أو يهتم بها بعد المهرجانات الاحتفالية والخطابية، إلا فيما ندر.