كعادتنا في كل بحث أو قراءة لكتاب أو حتى في نقاشاتنا اليومية، نبحث عن مقولات هي من القوة ما يمكنها أن تنوب عنا في إيصال فكرة معينة، أو رسالة نريد أن نبثها عبر نقاشاتنا، وهذه المقولات دونت على لسان أصحابها من المفكرين والعلماء أو القادة، وأحياناً الفنانين، لتصبح بمثابة وثيقة حية يتداولها الناس كلما أرادوا أن يقفوا على حقيقة ما، لتكون هذه المقولة الخاتم الذي يطبعها بالصدق والتجربة اليقينية التي لا تحتمل التأويل أو حتى رفضها أو نقضها.
ولكن اللافت أنه عندما نستحضر هذه المقولات أو التجارب تكون في الأغلب لكتّاب ومفكرين من المستشرقين أو من الأدباء الغربيين، وقليلاً ما نعود إلى تراثنا رغم غناه بالتجارب وقادة الفكر والعلم ومن الأسماء والأعلام الوطنية حدث ولا حرج، ولكن أقلامنا تتجه بقدر كبير نحو ما خطه الغرب على أهميته بالطبع، متجاهلين عن جهل أو عن غير قصد ما جاء في سفر أعلامنا من فكر كان في غير عصر من العصور منارة للعالم جميعه.
ربما ما دفعني لهذه الالتفاتة السريعة ما نشهده اليوم من توجه إلى ترجمات يسعى إليها جيل الشباب وتحمل عناوين في القيادة والتربية والنهج الحياتي، وتحليل الشخصيات، ولكنها تدس بين دفتيها السم في الدسم، يتجرعها أبناؤنا دون دراية منهم ويتمثلون شخصيات لا تشبهنا وبعيدة عن قيم مجتمعاتنا ومبادثها.
وربما مقولة أحدهم تؤكد ما رميت إليه عندما قال: إذا أردت أن تهدم حضارة أمة، فهناك ثلاث وسائل هي: هدم الأسرة، هدم التعليم، إسقاط القدوة فهل ننتبه إلى دعائم مجتمعنا ونعيد ترتيب أولوياتنا في الاهتمام بالأسرة عبر منابرنا الإعلامية والثقافية، لنبني جيلاً واعياً يدرك معنى المواطنة والقدوة من خلال تمثله واحترامه للقدوة والأنموذج الوطني الذي يذخر سفرنا الحضاري بأسمائهم وإنجازاتهم على مر العصور؟.
وجميعنا يدرك أننا مستهدفون في هويتنا وثقافتنا وأبنائنا، وعلى عاتقنا جميعاً تقع مسؤولية بناء مجتمع متماسك بقيمه وقدواته، ودعائمه الراسخة، ومئة الألف ميل تبدأ بخطوة.