مع نهاية الأسبوع الأول من العام الحالي وبعد نحو عامين من معرضهن السابق، استضافت صالة (زوايا) معرضاً جديداً لتجمع (فنانات أوغاريت)، شاركت فيه ثلاث نحاتات هن: يسرى محمد وأمل زيات وعلا هلال والمصورتان بتول ماوردي، وغادة حداد والغرافيكية لينا ديب.
(فنانات أوغاريت) استمرار لحضور أنثوي أصيل في المشهد التشكيلي السوري، منذ بدايات تنظيم المعرض السنوي. وحتى يومنا هذا، حيث نجد اسم مسرة الإدلبي في المعرض الأول المقام عام 1950 ومنور مورلي ودلال حديدي في عدة معارض بدءاً من العام التالي، وعائدة عطار عام 1953، وإقبال قارصلي وإنعام عطار عام 1954، وماي سابا عام 1955، ولمياء باكير وهالة قوتلي ومنى أسطواني عام1956، وكارمن ماهر وعائدة سلوم عام 1957، وعفاف مبارك وبهية شورى ودرية حماد عام1959.. ومنذ الستينات وحتى يومنا هذا برزت على ساحة الإبداع التشكيلي أسماء كثيرة ذات هوية متفردة. إلا أن الأوغاريتيات هن أول تجمع فني أنثوي يمتلك اسماً واضحاً وملتقيات معارض مشتركة، مع الحفاظ على الخصوصية الفردية لكل تجربة.. إضافة لامتلاكهن مواقع فنية وتعليمية ونقابية.. وقد اخترن تسمية أوغاريت بحكم أهمية الحضور الاجتماعي للمرأة في الحضارة الأوغاريتية.. وهو ما ينسحب على كامل مثلث ممالك الحضارات السورية الأولى – مع إيبلا وماري- وتقدم (الوثائق البصرية) لماري الدليل الأوضح على هذه المكانة التي امتلكتها المرأة السورية في مدينة هي مركز إحدى أعرق الحضارات في التاريخ البشري، قامت على الفرات الأوسط منذ الألف الثالث قبل الميلاد، وازدهرت فيها الفنون، كما هو الحال بصورة مغنية المعبد (أورنينا)، المحفوظة على شكل تمثال فريد في المتحف الوطني بدمشق.. والتمثال الرائع المحفوظ في متحف حلب لسيدة النبع، أو ربة الينبوع، بكل جماله ودلالاته.
تأسست مجموعة (فنانات أوغاريت) عام 2018، بهدف إبراز دور المرأة والفنانة خاصة، في المجتمع السوري على الساحة التشكيلية بالإضافة لدورها الأساسي في بناء الأسرة ومساهمتها الاجتماعية والاقتصادية، وفي أيلول (سبتمبر) من ذلك العام أقامت ملتقاها الأول في رحاب المتحف الوطني باللاذقية بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومديرية الثقافة في اللاذقية وكنيسة ماريشا واليابان، وجمعيات أهلية، بمشاركة 11 فنانة من مختلف الاختصاصات، إضافة إلى الفنانة الراحلة ليلى نصير كضيفة شرف، وفي نهاية الملتقى تم عرض الأعمال التي أنجزت خلاله ومنها لوحات جدارية كبيرة.
على امتداد السنوات الأربع التي تلت الملتقى الأول أقامت المجموعة عدة فعاليات تشكيلية وصولاً إلى معرضها الأحدث في صالة (زوايا) الذي أكد أهمية التجربة بحكم الغنى الذي بدا جلياً في المعرض، سواء لجهة الخيارات التشكيلية والمعالجات والتقنيات والبراعة، أو لجهة التطور اللافت للانتباه في مسارات التجارب المشاركة، الذي يؤكد ما تمت الإشارة إليه سابقاً عن أهمية الحضور الأنثوي في المشهد التشكيلي السوري الذي لا يمكن أن يكتمل الحديث عنه فيما إذا تم تجاهل هذا الحضور الخلاّق فيه.