الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
ينتظر الفلسطينيون الذين يحتمون في رفح، آخر “مكان آمن” متبقٍ في غزة، الإبادة على أيدي القوات الإسرائيلية بعد أن أعطى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أوامر للجيش الإسرائيلي “بإجلاء” أكثر من مليون شخص.
في هذه الحالة، مصطلح الإخلاء يعني الإبادة، ولا يوجد مكان آمن للذهاب إليه وقد تساءل البعض عما إذا كانوا قد يضطرون إلى السير إلى شمال غزة، ولكن تلك المنطقة تتعرض للقصف العشوائي من قبل الجيش الإسرائيلي.
وقد تم هدم أي مبانٍ متبقية يمكن استخدامها للمأوى من قبل وحدة الهندسة التابعة للقوات الإسرائيلية، بعد وضع متفجرات الهدم وتحويل المباني إلى أنقاض.
وعملت الولايات المتحدة ومصر وقطر على مسودة اقتراح لوقف إطلاق النار في غزة، لكن نتنياهو رفض الاقتراح دون تقديم اقتراح مضاد.
وبينما يضغط القادة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك بعض الدول الغربية، على الرئيس الأمريكي جو بايدن للموافقة على وقف إطلاق النار مع “إسرائيل” في غزة، خرج وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خالي الوفاض بعد اجتماعه مع نتنياهو.
إذا كانت الولايات المتحدة غير قادرة على إيقاف “إسرائيل”، فربما تستطيع المحكمة الجنائية الدولية أن تفعل ذلك؟.
كريم خان هو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، ويخدم لمدة تسع سنوات بدأت في عام 2021. ولد في إدنبرة، اسكتلندا لأب باكستاني وأم بريطانية. خان مسلم، لكنه لم يعش قط تحت احتلال عسكري وحشي أو حصار.
لقد ولد خان وعاش حياته كلها في مجتمع غربي ليس لديه أي خبرة في العيش في ظل الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين الذي يحرم ستة ملايين شخص من جميع حقوق الإنسان.
في 17 تشرين الثاني 2023، أصدر خان بياناً أفاد فيه أن خمس دول هي: جنوب إفريقيا، بنغلادش، بوليفيا، جزر القمر، وجيبوتي، أحالت معلومات تتعلق بجرائم حرب ارتكبتها” إسرائيل” في غزة.
وسأل وزير خارجية جنوب إفريقيا، ناليدي باندور، خان عن سبب تمكنه من إصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي بوتين، ولكنه لم يفعل هذا ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
في 6 كانون الأول 2023، أصدر خان بياناً بعد رحلة إلى فلسطين وأشار إلى نقاط تتعلق بالإجراءات الإسرائيلية في غزة، والتطرف الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، لكن البيان كان مجرد كلمات، وظل الضحايا ينتظرون العدالة الحقيقية.
في 24 كانون الثاني 2024، قدّم المحامي الفرنسي جيل ديفرز، إلى جانب جيش قانوني مكون من جماعات حقوق الإنسان وأكثر من 600 محام، أدلة على الإبادة الجماعية التي ارتكبتها “إسرائيل” في غزة إلى خان في المحكمة الجنائية الدولية.
كما وصلت دعوى قضائية من 56 صفحة إلى مكتب المدعي العام تطالب بفتح تحقيق في الجرائم التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة منذ 7 تشرين الأول الماضي، والتي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين معظمهم من النساء والأطفال.
وشاركت نقابة المحامين الأردنيين واتحاد المحامين العرب في رفع قضية الجرائم التي ارتكبتها” إسرائيل” ضد الشعب الفلسطيني إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ويضم الفريق الدولي نقابات المحامين الأردنية والفلسطينية والجزائرية والتونسية والموريتانية، بالإضافة إلى الاتحاد الوطني للقضاة الجزائريين.
ودعا خبير القانون الدولي الدكتور أنيس قاسم إلى عزل خان من المحكمة الجنائية الدولية، لانحيازه الواضح للاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح قاسم أن خان فشل في اتخاذ خطوات ضد” إسرائيل”، رغم أن التصريحات التي أدلى بها القادة الإسرائيليون كانت كافية لإدانتهم بموجب المحكمة الجنائية الدولية، نظراً لإثبات النية الإجرامية.
إن موقف خان يتماشى مع الرفض الغربي لإجراء أي تحقيق في جرائم” إسرائيل”، ونتذكر جيداً أن رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون طمأن “إسرائيل” بشأن ترشيح خان لمنصب المدعي العام، مدعياً أنه “سيصلح المحكمة الجنائية الدولية”، وأن بلاده ستعارض تحقيق المحكمة في الجرائم المرتكبة في فلسطين.
لقد تمت إدانة “إسرائيل” بالفعل في محكمة الرأي العام، وقد أدت الاحتجاجات ضد “إسرائيل” إلى خروج ملايين الأشخاص إلى الشوارع في جميع أنحاء الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وجميع أنحاء أوروبا.
قد تكون المحكمة الجنائية الدولية جزءاً من مجتمع غربي، لكن خان بعيد كل البعد عن الشعب البريطاني في شوارع لندن المطالب بوقف إطلاق النار وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.
خان يدير محكمته وفق آرائه وهو منحاز لإسرائيل، فأين العدالة في ذلك؟.
المصدر – غلوبال ريسيرش