الثورة – غصون سليمان:
هل بقي إيقاع الحب على ما يرام، وهل بقيت ومضات العواطف تسري في شرايين البشر كرشفة ماء صافية تنعش القلب والروح، بعدما تبلدت المشاعر وانحازت باتجاهات أخرى أكثر إيلاماً وضعفاً؟
ففي مثل هذا اليوم من شهر شباط كل عام اعتاد الناس أحباباً وعشاقاً وأسراً وأصدقاء، أن يكون مغايراً بلونه وطعمه ومواصفاته، تتحضر فيه النفوس لتصبح أكثر رواقاً وذكرى نحن إليها في كل وقت، إذ يفاجئ الزوج زوجته بهدية تحبها، وتفاجئ الأم أسرتها بطبخة دسمة لا ينسى طعمها عند الأبناء، أما باقات الورد الحمراء فهي الأكثر شهرة كسفيرة للقلوب، تسر خواطر المحبين، فيما لمة الأصدقاء في كافيه أو مطعم أو حديقة تترك أثراً طيباً من الألفة تحفظها الذاكرة لسنوات.
هكذا هي طقوس الحب لا تحدها حدود ولا تعترف بزمن قصير أو طويل، بين شاب وفتاة وكبير سن، هو فعل كامن بين الضلوع منحه الله لعباده وخلقه لتستقيم الألفة وتستمر زينة الحياة بعيداً عن منغصات الكره والقلق والاضطراب.
فعيون القلب تترجم بميزان البصيرة والرؤى ما يجول في السرائر، وتدرك ما لا يدرك في ظاهر الأشياء، محتفظة بالنقاء والصفاء ونبل المشاعر.
بشكل أو بآخر قست الحياة علينا كمجتمع سوري بطرق قسرية مختلفة بعدما كنا نتمتع بمزيد من الرخاء والسعادة والأمان والاطمئنان، وإعطاء كل مناسبة حقها من الواجبات والتحضيرات سواء أكانت اجتماعية أو دينية أو وطنية، بينما اليوم ربما نكتفي بأجزاء الأجزاء من كل شيء، فما يفرح الفؤاد لم يعد موجوداً بمساحته الكافية، حتى الحب المقدس بين البشر أخذ منحى التقسيط، بعدما حولت الحروب الظالمة الشعوب إلى مستعمرات من القهر، وسرقت كل مناحي الجمال والطمأنينة والوفرة، مشوهة العواطف والقيم النبيلة، فمات الحب في قلوب المعتدين الحاقدين، وأزهر شوقاً وعزة وكبرياء وقوة في قلوب الحبيبات والزوجات والأمهات والآباء والرجال الطيبين.
كل عام والحب يؤلف بين قلوب السوريين على مختلف مشاربهم، لطالما وحده الحب النبيل يمنح البقاء ويطيب الخواطر ويبلسم الجروح والمعاناة، ويعطر النفوس المتعبة..
كل يوم والجميع بألف خير.