الثورة- ترجمة ميساء وسوف:
في مقابلة أجريت معه على قناة MSNBC، حذر الرئيس بايدن الحكومة الإسرائيلية من أن الهجوم على رفح سيتجاوز الخط الأحمر، لكنه بعد ذلك قوض هذه الرسالة على الفور بتصريحات متناقضة.
وشدد بايدن على أن “الدفاع عن “إسرائيل” ما زال حاسماً، لذا لا توجد خطوط حمراء، وقال: “لن أترك “إسرائيل” أبداً”. ولم يوضح بايدن ما هي العواقب، إن وجدت، التي ستواجهها الحكومة الإسرائيلية إذا تجاوزت الخط الأحمر وشنت بالفعل هجوماً على رفح.
وتعكس تصريحات الرئيس في المقابلة فشل سياسة الإدارة التي تستخدم فيها الولايات المتحدة خطاباً قوياً للإشارة إلى استيائها دون إجراء التغييرات السياسية اللازمة لإضفاء طابع التحذير. وبعد فشله في اتخاذ إجراءات جادة لتحدي الحرب الإسرائيلية أو كبح جماحها لمدة خمسة أشهر، أصبح بايدن في موقف ضعيف من صنعه. وسيكون من الصعب عليه أن يصدر مطالب وتحذيرات تأخذها الحكومة الإسرائيلية على محمل الجد، لأن الإسرائيليين تجاهلوا الكثير من التحذيرات قبل الآن دون أن يدفعوا أي عقوبة.
لقد قال بايدن إنه “لا يمكن أن يقتلوا 30 ألف فلسطيني إضافي”، لكن الرئيس لم يذكر ما سيفعله إذا استمر الهجوم واستمر عدد القتلى المدنيين في الارتفاع. ولم يعط حكومة نتنياهو أي سبب للخوف من أن يؤدي الهجوم على رفح إلى الإضرار بالعلاقة مع واشنطن أو التأثير على دعم الولايات المتحدة للحرب بأي شكل من الأشكال.
وكانت تعليقات الرئيس في المقابلة متسقة مع خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه الأسبوع الماضي والذي أدلى فيه بعدة تصريحات حول ما يجب على “إسرائيل” أن تفعله دون ربطها بأي إجراءات محددة قد يتخذها إذا تجاهله نتنياهو.
وكان الإعلان عن قيام الولايات المتحدة بإنشاء ميناء مؤقت قبالة ساحل غزة لجلب المزيد من المساعدات بمثابة اعتراف ضمني بأن نهج “عناق الدب” الذي اتبعه بايدن تجاه “إسرائيل” قد فشل تماماً في شراء النفوذ الأمريكي لدى نتنياهو.
لو كان نهج بايدن ناجحاً، لما اضطر إلى اللجوء إلى حلول سخيفة وغير عملية مثل الرصيف وعمليات الإنزال الجوي غير الحكيمة لتجنب مواجهة الحظر الإسرائيلي للمساعدات. عندما يرى نتنياهو أن الإدارة تعقد نفسها لتجنب الصدام معه، فمن المرجح أن ذلك يشجعه لمعرفة إلى أي مدى يمكنه الإفلات من العقاب.
وتواجه الولايات المتحدة مشكلة خطيرة عندما يتعلق الأمر بتقييد عملائها، لأن القادة الأميركيين يخشون عزل هذه الدول وربما “خسارتها” لصالح رعاة آخرين. إن إدارة بايدن ليست وحدها في هذه الممارسة السيئة، ولكنها تثبت مدى خطورة قيام الولايات المتحدة بتمكين عملائها من سلوكهم الأكثر تدميراً ثم رفض فرض أي تكاليف عليهم عندما يتمادون.
ويقنع الساسة وصناع السياسات الأميركيون أنفسهم بأن الولايات المتحدة تحتاج إلى هؤلاء العملاء بشدة، إلى الحد الذي يجعلهم يتخلون عن كل النفوذ الذي تتمتع به واشنطن في خط الهجوم، ويهتمون بدلاً من ذلك بكيفية “طمأنتهم” بأن الولايات المتحدة ستدعمهم دائماً. يقول الرئيس إنه لن “يترك” إسرائيل أبداً، لكن هذا يجب أن يكون خياراً قابلاً للتطبيق في أي علاقة مع دولة عميلة.
ويتعين على الإدارة أن تجعل سياستها تتماشى مع خطابها، وإذا كان الهجوم على رفح غير مقبول حقاً بالنسبة للرئيس، فلا يكفي أن نقول إن هذا خطأ أحمر بالنسبة للولايات المتحدة. يجب على الإدارة أن تثبت أن هذا ليس تهديداً فارغاً من خلال توضيح الأمر المحدد للحكومة الإسرائيلية. وينبغي أن يشمل ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، التوقف عن الحصول على الحماية الأمريكية في مجلس الأمن وتعليق جميع المساعدات العسكرية إلى أجل غير مسمى.
وطالما استمر تدفق الأسلحة إلى” إسرائيل”، فلن يكون هناك أي معنى لما يقوله الرئيس وغيره من المسؤولين الأميركيين عن سلوك “إسرائيل” في الحرب.
ولن يكون من السهل ثني نتنياهو عن الأمر بالهجوم على رفح، وفي الأسبوع الماضي قال : “من يقول لنا ألا نتحرك في رفح فهو يقول لنا اخسروا الحرب وهذا لن يحدث”. وهذا يجعل من الضروري أن تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً مكثفة الآن بينما لا يزال هناك وقت لمنع وقوع كارثة أكبر. فالهجوم على رفح من شأنه أن يدفع سكان غزة الذين يتضورون جوعاً إلى مجاعة كبرى. وتوجد بالفعل ظروف شديدة تشبه المجاعة في جميع أنحاء المنطقة بسبب استخدام “إسرائيل” المتعمد للمجاعة كسلاح.
ومن المرجح أن يكون للهجوم على رفح آثار مزعزعة للاستقرار في أماكن أخرى في المنطقة. لقد بذلت إدارة بايدن الكثير لتأجيج الحرب في غزة، وهي تتقاسم المسؤولية عن الكارثة الحالية، ولكن لا تزال هناك فرصة للضغط على المكابح ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.
المصدر- آنتي وور